الثلاثاء، 28 مايو 2019

من فاروق إلى السيسي..امبراطورية الشرطة التي يجهلها الكثيرون..فيديو



.. من فــاروق إلى السيسي .. 
قصــة امبراطورية البوليس التي يجهلهـــا الكثيرون


في صبيحة يوم 25 يناير/كانون الثاني، وتحديدا في الساعة السادسة صباحا، رفض 800 جندي وضابط مصري من قوات الشرطة بقسم مدينة الإسماعيلية القريبة من منطقة قناة السويس أن يسلموا أسلحتهم، وبادروا في وقت مبكر من الصباح بإطلاق النار من بنادقهم البدائية على القوات المحتشدة خارج القسم، متورطين في معركة غير متكافئة بالمرة انتهت بهزيمتهم واعتقال كل من بقي منهم حيا بعد المعركة. 
 فيما بعد، أصبح ذلك اليوم، يوم 25 يناير/كانون الثاني، عيدا للشرطة، تخليدا لتلك الحادثة، حين ضاقت القوات البريطانية المتمركزة بمنطقة القنال بالعمليات الفدائية التي شارك فيها شباب ورجال من جميع القوى السياسية المصرية بتواطؤ واضح من قسم شرطة الإسماعيلية الذي لم يستطع رجاله السيطرة على انفعالهم مع الشعور الوطني المتزايد في البلاد، فقامت القوات البريطانية في فجر يوم 25 يناير/كانون الثاني 1952 بمحاصرة مبنى القسم وطلبت من الجنود والضباط تسليم أنفسهم وأسلحتهم، فرفض الجنود والضباط واشتعلت المعركة واشتد إطلاق الرصاص بين بنادق بدائية ورشاشات إنجليزية تختبئ وراء المدرعات والدبابات، وانتهت المعركة بمقتل ثلاثة جنود بريطانيين واستشهاد خمسين من رجال الشرطة المصرية واستسلام الباقين واعتقالهم تمهيدا لمحاكمتهم عسكريا.


وفي اليوم التالي للحادثة، 26 يناير/كانون الثاني 1952، اشتعلت المظاهرات في قلب القاهرة احتجاجا على اعتقال ومحاكمة رجال الشرطة المصرية، الأمر الذي انتهى بحريق القاهرة، واضعا البلاد المصرية على إناء ساخن، فارت ماؤه بحركة الجيش في 23 يوليو/تموز 1952، إلا أن فوران الماء قد أطفأ النار، وبعد نحو ستين سنة من تلك الحادثة، بدا الأمر في شوارع مصر مقلوبا تماما، فقد خرجت تظاهرات الشباب هذه المرة تهتف بسقوط نظام الظلم والاستبداد والفساد، النظام الذي يحميه رجال الشرطة، الذين عاثوا في البلاد ظلما وتعذيبا وقتلا وفسادا وإفسادا، فاقدين لأي شعور وطني أو حتى ضمير أخلاقي.
- واليوم، بعد مرور ثماني سنوات ونيف من ثورة يناير، ما زال الأمر كما هو، وما زالت الشرطة على طرف نقيض لذلك الذي كانت عليه في ٢٥ يناير/كانون الثاني ١٩٥٢. 
طرف يصعب فيه أن يتخذ جنودها، الذين صاروا يتعلمون الانضباط العسكري، قرارا شجاعا بمواجهة وطنية، أو أن يتخذ ضباطها مبادرة مسؤولة دون انتظار الأوامر. 
طرف يصعب أن تتفق الشرطة فيه مع الشارع وحركته إذا خالفت تلك الحركة ما تراه السلطات، حتى وإن كانت حركة الشارع تنطلق من الإيمان بمبادئ العدالة والسيادة الوطنية والحقوق الإنسانية للجميع. فكيف تحوّلت الشرطة لهذا الطرف النقيض، لتصبح عصا في يد السلطات تبطش بها أجساد الشعب المظلوم؟
  زفـــاف الشــرطة والنظـــام السـياسي
 .. هـل الشرطـة مؤسسة مسيسة؟ ..
يطرح المؤرخ خالد فهمي سؤالا عن "تسييس" مؤسسة الشرطة: 
هل كانت الشرطة تدافع عن النظام الملكي أو تعمل لحسابه؟ 
ثم يذهب إلى أن هذا السؤال ليس صحيحا، فمؤسسة الشرطة المصرية قبل قيام حركة يوليو كان يرأسها وزراء مدنيون، فـ"النظام لم يسع لحماية نفسه قبل حركة الجيش عبر قوات من الشرطة، وإنما تنامى الاتجاه لعسكرة الشرطة عقب يوليو. الشرطة لم تكن تحمي الملك أو نظامه وهي بهذا المعنى غير مسيسة. 
هي إن كانت مسيسة قبل يوليو؛ فهذا يتصل بكون أفرادها أنفسهم مسيسين، ربما بشكل غير مؤسسي أو منهجي، ليس من الضرورة أن يكونوا منخرطين في جماعات أو أحزاب سياسية، ولكن قرارهم باتخاذ التحرك والعمل ومواجهة دبابات ورصاصات الاحتلال دون انتظار أوامر؛ هو في ذاته قرار سياسي. وهو ما لم يعد واردا تكراره عقب الانقلاب العسكري في يوليو ١٩٥٢".
- ويوضح فهمي أن قبل حركة الجيش كانت السياسة موجودة بالشارع، مع وجود الأحزاب والقوى السياسية الأخرى كمصر الفتاة والإخوان المسلمين مع وجود البرلمان ونخبة سياسية مدنية، لكن ما قررته النخبة العسكرية الجديدة والتي قامت بحركة يوليو بناء على مبدأ في منتهى البساطة والاختزال لكنه يُمثّل غطاء شرعيا للحكم العسكري حتى الآن، وهو:
"الحياة السياسية فاسدة وأفسدت حال البلد، فيجب أن يتدخل الجيش ليُنهي السياسة وفسادها، لكنه قد يسبب فشلا اقتصاديا، فيجب بقاء الحكم العسكري كي يُعيد الانضباط الذي قد يصنعه الاحتجاج السياسي"، وهكذا تظل الدولة في دائرة مفرغة مضمونها الأساسي هو إزالة السياسة من الشارع، وبالتالي إزالتها من صفوف الجيش والشرطة كي لا تتكرر حالات الانقلاب العسكري. 
 فبعدما قام الضباط الأحرار بانقلابهم العسكري في ٢٣ يوليو/تموز ١٩٥٢؛ "أراد الضباط القائمون بتلك الحركة ضمان بقائهم في الحكم ومنع أي احتمالات مستقبلية لتكرار ما صنعوه. 
والسبيل الوحيد والناجح لذلك -وفقا لرؤيتهم- كان نزع السياسة من كافة مؤسسات الدولة ومن الشارع. 
لهذا أسسوا أجهزة أمنية وأجهزة استخبارات تتولى مراقبة أفراد الجيش والشرطة، وليس فقط مراقبة الشعب. 
كان لا بد من التحكم في العمل السياسي و"تأمين الجيش"، لهذا جاء تعيين عبد الحكيم عامر لولائه المضمون قائدا على رأس الجيش لضمان "التأمين" وهو ما قاد لاحقا لهزيمة ١٩٦٧".
- هل هذا يعني أن مؤسسة الشرطة المصرية كانت وطنية في الأصل تدافع عن حقوق المصريين، ولم ترتكب أي جرائم في حق الشخصيات السياسية الوطنية والمقاومة للاحتلال الإنجليزي؟ يؤرخ المفكر تيموثي ميتشل في كتابه "استعمار مصر" لبداية تأسيس الشرطة المصرية، فيقول: "كان على الريف المصري أن يصبح، حيثما كان ذلك ممكنا، مثل قاعة الدراسة والمدينة، مكانا للإشراف والسيطرة الدائمَين، للتذاكر وأوراق التسجيل، للمراقبة والتفتيش. 
وعلاوة على الإشراف الخاص على الحقول، والمصانع، والسكك الحديدية، ومجموعات العمال، رغبت الحكومة في إقامة نظام عام للبوليس يكون ذكيا وفعالا وموجودا في كل مكان".
* عبدالحكيم عامر، أحد رجال ثورة يوليو 1952 في مصر (مواقع التواصل) فكان الأمر في البداية، عقب انهيار الحكومة عام 1882، عبارة عن نظام معادل لفرض الأحكام العرفية، وهو في الحقيقة معدل لقانون الطوارئ الحديث، وقد أُطلق عليه اسم "لجان قطع الطريق" التي حاول الإنجليز أن يسحقوا بها الجماعات المسلحة المحلية التي تقاوم القوات الإنجليزية في الريف المصري، واستخدم الإنجليز كل التقنيات التي أصبحت مألوفة فيما بعد في دولة يوليو مثل: الغارات العسكرية، والبوليس السري والمرشدين، والاستخدام المنهجي للتعذيب، والسجن الجماعي. 
وقد امتلأت سجون البلاد بأربعة أضعاف طاقتها.
وكانت الأمثلة على التعذيب المستخدم لانتزاع الاعترافات من المشتبه فيهم تتضمن تعليق الناس في أطواق حديدية، وحرق الجسم بمسامير حديدية محماة. 
وبعد عقد من الزمن من إدخال "لجان قطع الطريق" استُبدل بها نظام "بوليس" أكثر انضباطا وانتشارا واستمرارية. وعُيّن الكولونيل كتشنر، أحد الضباط البريطانيين في الجيش المصري، مفتشا عاما للبوليس المصري، وقد حوّل الأساليب الحديثة للتفتيش والاتصال والانضباط إلى عملية متصلة بالسلطة السياسية.
وبالإضافة إلى تنظيم قوة البوليس، تمت إقامة نظام شامل للتفتيش الإنجليزي، في إطار وزارة الداخلية، التي كانت تعبر عن البيروقراطية الجديدة المنظمة للشؤون الداخلية في مصر، فكان على تلك الشؤون الداخلية للحياة القروية المصرية أن تخضع للإشراف المستمر. وللمساعدة على ذلك رُتّبت لخفراء القرى المحليين، وعددهم 50 ألفا، مرتبات حكومية، فيما بعد، أُحضروا إلى المراكز الإقليمية لتلقي التدريب العسكري وزُوّدوا بالأسلحة. وكان على هؤلاء الخفراء أن يعاونوا في المراقبة البوليسية للمجرمين والأشخاص المشتبه فيهم ولكل "الشخصيات السيئة المعروفة" أو المناوئة لسلطة الإنجليز، وأخيرا تم إدخال سلسلة من اللوائح الحكومية بهدف قمع أي "اضطراب داخلي" بما في ذلك منع حمل السلاح على الجميع باستثناء "المسؤولين الحكوميين والمحليين، أو ملاك الأراضي والتجار ذوي الحيثية".
وكانت مناهج السيطرة الجديدة عظيمة النجاح، فقد حطمت جماعات المقاومة الريفية، وقُتل زعماؤها بالرصاص أو اعتُقلوا، ووضعت نهاية للهجمات على ملكيات الإنجليز. وبحلول عام 1895 أنشأ الإنجليز وزارة الداخلية في مصر، وفي عام 1911 ظهر ما يسمى القسم الخاص، وهو القسم المكلف بأعمال الرقابة الداخلية، الذي يُعد السلف الأول لجهاز مباحث أمن الدولة والمباحث العامة. 
وتحددت الجرائم السياسية في عام 1937، وعُرّفت بأنها أي تعبير يُقصد به إهانة الحكومة أو احتقارها.
(3) يحكي ميتشيل  واقعة حصلت في مديرية بني سويف توضح الدور الرقابي والضبطي الذي لعبته الشرطة تحت إشراف الإنجليز، حيث كتب اللورد كرومر في تقرير أرسله لوزارة الخارجية بلندن أن ضابط التفتيش الإنجليزي كان لديه من الأسباب ما يكفي ليقتنع أن هناك عددا كبيرا من البالغين والأطفال لم يُسجلوا في دفاتر عزبة تخص أحد الأثرياء المصريين، وقد أقر الشيخ المسؤول بأنه ليس في القرية الواقعة في عزبة ذلك الثري أحد صالح للتجنيد الإلزامي أو تجنيد العمل غير مسجل، فقام ضابط التفتيش بمعاونة قوة من الشرطة والخفراء بتطويق القرية ليلا، وفي الصباح وجدوا ما يربو على 400 غير مسجلين اعتُقلوا جميعا، وتعرض الشيخ لمحاكمة عسكرية.
 وفي الثلاثينيات من القرن العشرين 
 توسعت السجون لتشمل معسكرات اعتقال في الصحراء وخارج المدن، منها طرة وأبو زعبل والقناطر والواحات، وفي أثناء الحرب العالمية الثانية أُودع 4000 معتقل في المعسكرات، وفي بداية الخمسينيات بلغ عدد المعتقلين 25 ألف معتقل، وهو العدد الذي سيبلغ مئة ألف في عهد عبد الناصر. 
 إذن كان السبب الأساسي لإنشاء جهاز الشرطة ليس هو إقامة العدالة أو حفظ الأمن، بل ضبط الريف والمدن المصرية لتتلاءم والسلطة الإنجليزية وأهدافها التجارية والرأسمالية، وكانت مهمة رجال الشرطة والخفراء هو تدمير وسحق أي حركة مقاومة ضد الاحتلال الإنجليزي، وما حدث في قسم شرطة الإسماعيلية 1952 كان هو الاستثناء نتيجة تنامي الشعور الوطني، بجانب ازدهار النخب السياسية والقانونية منذ ثورة 1919 وصعودها لقمة المناصب السياسية والوزارية في العهد الملكي..
 وكان ما حدث بعد انقلاب يونيو/حزيران هو معاداة ذلك الاستثناء في تاريخ الشرطة وإعادة الأمور لأوضاعها العادية، وعودة جهاز الشرطة لممارسة مهمته الطبيعية منذ نشأته.

  شرطة الدولة الناصرية.. وبزوغ فجر دولة البطش
قفز الضباط الأحرار على عرش الدولة المصرية كزرع شيطاني ليس له جذور، فلم يكن لحركة يوليو أي تنظيم سياسي جماهيري تحركه أيديولوجية سياسية واضحة لتتسلم به السلطة، مما دفع جمال عبد الناصر للاعتماد على المؤسسات القائمة، وهي المؤسسات ذات التصميم الإنجليزي القديم والتي عملت منذ عام 1882 على خدمة مصالح الإنجليز وخدمهم في مصر. وفي ظل عدم وجود صراع سياسي بعدما نجح جمال عبد الناصر في هزيمة جميع خصومه بداية من محمد نجيب وعبد الرازق السنهوري وحتى الإخوان المسلمين والشيوعيين وبعض عمال المصانع، تحول جوهر سياسة "عبد الناصر" وجوهر ما ادّعاه من تطهير البلد من أذناب الاستعمار إلى مجرد مجموعة من المشكلات الإدارية، التي تحتاج فقط إلى إعادة ترتيب وتنظيم مع رفع مستوى الأداء، دون تطرق إلى الخيارات والأولويات نفسها..


ولأن النظام الجديد يفتقر لأي تنظيم سياسي جماهيري فقد اعتبر الموظفين الموجودين من الأصل في النظام الإداري هم تنظيمه الأساسي، ولم تطل قوانين التطهير لسنة 1952 سوى الأجهزة المتصلة بالأمن والسياسة، كالجيش والبوليس ووزارة الخارجية. واقترن ذلك مع إلغاء السياسة باعتبارها شرا مطلقا وتفريغ ذلك النظام الإداري بأكمله بما فيه مؤسسة الجيش والشرطة بالأساس من أي توجهات سياسية 
 وتوازى ذلك مع إلغاء الأحزاب وأي قوى سياسية قديمة أو جديدة، ليبقى الزعيم الكاريزمي الخالد وحيدا على عرش من قصب. 
 وقد لخّص المستشار طارق البشري هذا الأمر بدقة فقال: "مع دمج السلطات لصالح جهاز الحكومة، ومع السلطة الفردية، تبدو السمة الثالثة للنظام السياسي الذي أقامته ثورة 23 يوليو، وهي استغناء التنظيم السياسي للدولة والمجتمع عن مبدأ الحزبية في عمومه، ... لقد فرضت الضرورات السياسية نفسها على الضباط وحركتهم، فصار جهاز الدولة معهم هو الجهاز السياسي والإداري معا. 
ولم يوجد من بعد تنظيم سياسي حزبي له ذاتيته المتميزة عن الدولة، وتركزت فيه الوظائف السياسية المختلفة... إن الظاهرة التنظيمية التي تميزت بها ثورة 23 يوليو، وهي اندماج الوظيفة السياسية في الأجهزة الإدارية… 
ما لبثت أن تخصصت وآلت على وجه الخصوص إلى اندماج الوظيفة السياسية في أجهزة الأمن، وكادت أجهزة الأمن أن تصير قوامة على ما من شأن الأحزاب والتنظيمات السياسية أن تقوم به من وظائف… 
وقد تولد عن ذلك ما يمكن تسميته بالنزوع الأمني الإعلامي، وهو اعتبار كل معارضة سياسية مؤامرة أو خبيئا لجريمة تهدد أمن الجماعة والنظام، وتهدد الأهداف العليا للوطن في استقلاله ونهضته ورخائه".
 على الجانب الآخر أصبحت تلك المؤسسات الإدارية وفي قلبها الشرطة تابعة سياسيا للنظام الناصري، وفي الوقت نفسه أصبح ممنوعا على أفراد الشرطة أن يكون لهم رأي سياسي، فعقيدتهم هي الولاء الكامل للنظام، ويضيف خالد فهمي قائلا: "هذا الخوف من تسييس الجيش أو تسييس الشرطة والشارع هو ما أدّى إلى مصادرة المجال السياسي". فأسس زكريا محيي الدين الأمن الداخلي 
 عبر إعادة ترميم جهاز الشرطة بالنظام نفسه الذي أسسه الإنجليز مع فصل كل العناصر المشكوك في ولائها، وحوّل القسم السري في الشرطة إلى إدارة المباحث العامة التي تحوّل اسمها في عام 1971 إلى مباحث أمن الدولة.


وكان أكبر مثال على ذلك هو الضابط "ممدوح سالم" الذي كان ضابطا للبوليس السياسي في عهد الملك ثم استمر في العمل داخل مباحث أمن الدولة في مرحلة ما بعد يوليو 1952، حيث أصبح مدير مباحث الإسكندرية بعد انقلاب يوليو، ولاحقا عيّنه السادات وزيرا للداخلية بدلا من شعراوي جمعة. 
 ويعد مدير المباحث مسؤولا أمام وزير الداخلية ونائب الوزير لشؤون أمن الدولة. 
أما إدارات الأقاليم في المباحث فمسؤولية مباشرة أمام القيادة في القاهرة، لا أمام أي سلطات محلية من أي نوع، وتجند تلك الإدارات شبكة واسعة من المخبرين، بعضهم يظهر في العلن، وبعضهم يتخفى لجمع الأسرار، والباقي يُوزّع بشكل سري داخل المؤسسات والجمعيات والشركات والقوى السياسية المختلفة.
 ثم تأسست هيئة المخابرات العامة في ديسمبر/كانون الأول 1953، وكان رئيسها الأول خالد محيي الدين، ويشير المفكر عزمي بشارة إلى أن هناك عدة تقارير تشير إلى أن الولايات المتحدة دفعت بعد انقلاب 1952 مباشرة مبلغا قدره مليون دولار ثمنا لمعدات مراقبة وتنصت للشرطة وأدوات لمكافحة الشغب. 
كما قامت الاستخبارات الأميركية بأعمال التخطيط والتدريب، وكان حسن التهامي رجل الاتصال بين النظام الجديد والاستخبارات الأميركية.
ويحكي صلاح نصر أنه قد درس تنظيمات الاستخبارات حول العالم ثم توصل إلى شكل مناسب لتنظيم الاستخبارات يصلح لأوضاع مصر، وكان هذا التنظيم أقرب إلى تنظيم الاستخبارات الأميركية، فيقول: "كانت المهمة المحددة لجهاز المخابرات العامة أن يكون نظام مخابرات سياسية اقتصادية… وفُصلت المخابرات الحربية وأصبحت تتبع القائد العام للقوات المسلحة، أما المباحث العامة فتتبع وزير الداخلية وواجبها يتصل بالداخل ويختص بالجماعات والنشاط الحزبي والعمالي والصحفي والطلابي وغيرها، أي إن نشاطها يتعلق بالداخل، أي الأمن السياسي الداخلي".
المؤرخ المصري خالد فهمي (مواقع التواصل) ويعلق المؤرخ خالد فهمي: "ورافق هذا اتجاه متنامٍ لعسكرة الشرطة والقضاء على صفتها المدنية، حتى وإن لم تتبع الجيش رسميا. 
ضباط الشرطة في أكاديميتهم لا يتعلمون القانون؛ قدر ما يتلقون تدريبات ذات صبغة عسكرية، ويتعلمون التكتيكات العسكرية الخاصة بتشكيل الجموع (الأمن المركزي) ومواجهة المظاهرات. 
وهذا ما أفرز لاحقا واحدة من أكبر المشكلات والأزمات للشرطة وللشعب معا، وهو صدور القانون ١٢٧ لسنة ١٩٨٠، المعروف بقانون الخدمة العسكرية والوطنية. 
وهو القانون الذي أسس وقنن لمبدأ قضاء المواطنين المصريين لخدمتهم العسكرية ضمن قوات الأمن المركزي، فصار هناك عشرات الآلاف سنويا يدفعون من أعمارهم ثلاث سنوات لحماية النظام، لا حماية الدولة وحدودها. وصار العدو هو أبناء الوطن في الداخل، هؤلاء الآن هم من يواجههم المجند خلال خدمته العسكرية".
 ولم يترك الزعيم السلطة إلا محمولا على ظهره، تاركا خلفه إمبراطورية تحكمها المباحث العامة وأمن الدولة والمخابرات العامة، وأربعة عشر ألف أمر اعتقال مع مئة ألف مواطن مصري قد دخلوا المعتقلات بشكل عام، مع حصيلة غير معلومة من جرائم التعذيب والقتل الممنهج والاغتيالات السياسية ودولة تقبع تحت حكم الحديد والنار.
.. الشـــرطة تُعـلن الحــرب على الشــعب ..
.. شروق شمس الحرس الجديد ..
قبل أن تخرج روح الزعيم من جسده، وبعد نكسة 1967 والهزيمة المذلة للجيش المصري والمشروع الناصري، وتحديدا في 3 مارس/آذار 1969، ألقى عبد الناصر خطابا أعلن فيه سقوط دولة الاستخبارات، فتُرك المجال الداخلي لعمل أجهزة الأمن الداخلية والمباحث، بمعنى أن توجه أجهزة الاستخبارات عملها نحو الخارج، وتتسلم أجهزة مباحث أمن الدولة عملية الرقابة والتضييق على الحريات، وتقلص عدد الضباط في الحكومة من 66% في عام 1967 إلى 21% في عام 1970، وسيطر الاتحاد الاشتراكي العربي على التعيينات في 367 شركة عامة كان عبد الحكيم عامر يتحكم بها من خلال تعيين عسكريين في قمة هرمها.
وفي عام 1969، أُنشئت قوات الأمن المركزي لوضع قطاع من المجندين في الجيش تحت إمرة وزارة الداخلية، بهدف إبقاء الجيش في منأى عن مهمات قمع الشعب في الاحتجاجات، وبلغ عدد أفراد هذه القوات في عام 1970 عشرة آلاف جندي، تحولوا لجيش كامل العتاد ومستقل التسليح والإدارة بعد موت عبد الناصر. 
ومع تولي السادات لرئاسة مصر، تعزز نفوذ وزراء الداخلية وأجهزتهم الأمنية، وتعززت قوة المنصب بالنسبة للنظام السياسي، وبرز ممدوح سالم والنبوي إسماعيل اللذان تحوّلا من ضابطَيْ شرطة إلى وزيرَيْ داخلية، ومع أحداث الانتفاضة الشعبية في عام 1977، ورغم فشل الشرطة في احتواء الموقف واللجوء إلى الجيش لفرض حظر التجول، تحوّل وزير الداخلية بعد يناير/كانون الثاني 1977 إلى الرجل القوي في مصر بعد رئيس الدولة مباشرة، "أي إن الدولة تحوّلت إلى دولة أمن".
وتضاعف عدد الأمن المركزي ثلاث مرات، رغم أن تلك القوات كانت محدودة التكلفة، حيث لم يكن يتجاوز راتب المجند فيها ستة جنيهات شهريا.
ثم تصاعدت التوترات السياسية المصاحبة لسياسات الانفتاح الجديدة والسلام مع إسرائيل، حتى انتهت باغتيال السادات، تاركا خلفه جحافل الأمن المركزي وبلدا تغلي على صفيح ساخن، في تلك الأجواء تشكلت الدولة الأمنية في عهد مبارك والتي خرجت انتفاضة يناير مطالبة بسقوطها، بينما عاد الحكم العسكري ليرممها من جديد.

  ... في ظهيرة جمهورية الرعب الثالثة ... 
جاء مبارك في وقت ضمت فيه القوى السياسية حشودا جديدة من معارضي النظام الغاضبين من تنكيس دولة يوليو بوعودها، وخاصة تغيير السياسات الاقتصادية والسلام مع إسرائيل، وتزايد الشعور الوطني المعادي لتلك السياسات، فحاول مبارك استيعاب القوى السياسية الغاضبة، فأفرج عن معتقلي سبتمبر/أيلول 1981 ضمن قضايا اغتيال السادات، وحاول أن يبدو متسامحا وأكثر اعتدالا، لكن أحداث التمرد التي حدثت في قلب معسكرات الأمن المركزي ثم في صعيد مصر أعادت النظام لوجهه الأمني الحقيقي، ليصل لذروة بطشه الأمني.


جاءت المفاجأة التي هزت دولة يوليو في عهد مبارك في يومي 25 و26 فبراير/شباط 1986، حين خرج عشرات الآلاف من جنود الأمن المركزي الغاضبين في تظاهرات احتجاجية تطالب بتحسين أوضاعهم المعيشية، ومثلما حدث في يناير/كانون الثاني 1952 في قسم شرطة الإسماعيلية، بدأت الأحداث هذه المرة بالقرب من العاصمة القاهرة، وبدأ التمرد من معسكرين للأمن المركزي: الأول على طريق القاهرة - الفيوم، والثاني على طريق القاهرة - الإسكندرية، حيث اندفع الجنود إلى الشوارع بعد تردد شائعات عن صدور قرار يمدد فترة التجنيد الإجباري لأفراد الأمن المركزي من ثلاثة أعوام إلى أربعة أعوام، بجانب خفض الحكومة قليلا من مرتبات الجنود لسداد الديون.
أما أخطر تحرك لقوات الأمن المركزي فكان في منطقة طرة، حيث اشتدت المواجهات بينها وبين قوات الجيش الذي استخدم طائرات مروحية، وقام بقنص عدد منهم بالرصاص، ليخرج آلاف منهم فارين إلى الشوارع يحملون أسلحتهم، مما زاد من تمركز الجيش والتعامل معهم بشكل عنيف، حيث تشير البيانات الرسمية إلى أن الأحداث قد أسفرت عن مقتل 107 فرد من جنود الأمن المركزي، منهم 104 في القاهرة وثلاثة في أسيوط، علاوة على 719 جريحا، بينما ذهبت بعض التقديرات إلى حساب الضحايا بالآلاف، كما تم اعتقال الآلاف من جنود الأمن المركزي من مواقع الحوادث، وسُرّح نحو 21 ألف جندي من الخدمة. 
 على خلفية تلك الأحداث حدثت تغييرات مهمة في الجهاز الأمني، كان أبرزها تعيين زكي بدر محافظ مدينة أسيوط وزيرا للداخلية، الأمر الذي شكّل تحولا تصاعديا نحو العنف، فقد قام زكي بدر بتطبيق سياسات الأمن المعمول بها في صعيد مصر، فتحوّلت مصر لساحة حرب مفتوحة بين النظام السياسي والتيارات الإسلامية. 
 عُرف زكي بدر بمنهجه العنيف بالتعامل مع المعارضين عامة والإسلاميين خاصة، وإعدامهم ميدانيا خارج المحاكمة، كما قام بتشديد إجراءات قانون الطوارئ، وتضخمت قوة الجهاز الأمني وبلغت أوجها في فترة حكم مبارك، "حيث جرى عمليا تهميش الجيوش في مقابل قطاعات الأمن الداخلي، خصوصا قوات الأمن المركزي التي شهدت طفرة في نوعية التسليح وحتى الطعام واللباس بعد تمرد 1986، كما زادت قوة الشرطة من مئة ألف فرد في عام 1974 إلى مليون فرد في عام 2002، لتُشكّل في عهد وزير الداخلية زكي بدر نحو 21% من مجمل قوة العمل في قطاع الدولة. 
وصار المعدل نحو 25 رجل أمن لكل ألف مواطن، وهو من أعلى المعدلات في العالم"، وارتفعت ميزانية وزارة الداخلية من 3.5% إلى 6% من مجمل الدخل المحلي بين عامي 1987 و2000، وارتفعت رواتب القوى العاملة في الشرطة من 819 مليون جنيه في عام 1992 إلى 3 مليارات جنيه في عام 2002.
وبعد محاولة اغتيال مبارك في أديس أبابا في 26 يوليو/تموز 1995، زاد تعويل النظام السياسي على أجهزة الأمن، من استخبارات ومباحث أمن دولة، كما زاد نفوذ الشرطة بعد تحوّلها لمؤسسة للترقي الاجتماعي، حيث يذكر عبد اللطيف المناوي، الذي أصبح أحد أركان إعلام نظام مبارك بصفته مديرا لقطاع الأخبار، "أن هناك من أصبح مستعدا لدفع رشاوى تصل إلى 200 ألف جنيه لقبول أبنائهم في كليات الشرطة، فوظيفة الضابط تؤمن سلما اجتماعيا اقتصاديا تتوق لامتلاكه أي عائلة متوسطة لتحسين وضعها الاجتماعي". 
 ومع دخول مصر القرن الحادي والعشرين، أصبحت مؤسسة الشرطة في مصر مؤسسة مسيسة بالكامل لصالح النظام السياسي ، غير أنها انفصلت تماما عن أي قواعد قانونية، وأصبحت الممارسات القاسية من تعذيب وقتل هي السلوك الأساسي، بجانب الاستعانة بالمجرمين السابقين والمحكوم عليهم بالإعدام أو المؤبد ليكونوا مثل كلاب صيد أو بلطجية تحت طوع ضباط الشرطة، "وشوهد هؤلاء بمديريات الأمن ومقار الشرطة يجالسون رتبا قيادية مقابل أدائهم لتكليفات، حتى أصبح لهم سطوة ونفوذ مستمر بمناطقهم لسنوات".
العقلية الأمنية تحكم مصر في 25 يناير/كانون الثاني من عام 1989، أجرت مجلة الشرطة استطلاعا للرأي تدعو فيه القراء إلى إبراز السلبيات التي يرونها في جهاز الشرطة المصري، وكانت المؤسسة الأمنية الأقوى حينذاك تتوقع مديحا في أدائها، وقد شمل الاستطلاع ثلاثة وثلاثين اسما لشخصيات معروفة في ذاك الوقت، ينتمون إلى تيارات فكرية مختلفة، فجاءت نتائجه بمنزلة انعكاس صادم للواقع.


فقد ذكر ما يقرب من ثلثهم أن كبرى سلبيات جهاز الشرطة هي "المعاملة السيئة التي يلقاها المواطن العادي، أي من غير المعارضين السياسيين، من رجال الأمن في الشارع والأقسام، وذكر ما يقرب من ستة أو سبعة كُتّاب أن عدم احترام الشرطة للقوانين هو المأخذ الأول، وتوزعت آراء الباقين بين اهتمام الشرطة بالأمن السياسي على حساب الأمن الجنائي، وسوء المظهر العام لأفرادها.. وذكر بعض من استُطلعت آراؤهم وقائع شَهِدوها بأنفسهم حملت انتهاكات لفظية ومعنوية لكرامة المواطنين، وعنفا واعتداء ماديا على أجسامهم".
- فمثلا وصف الكاتب الساخر محمود السعدني موقفا لضابط "تعطلت سيارته في الشارع، فما كان منه إلا أن قام بضرب شاب من المارة رفض أن يطيع أمره وأن يساعد الجنود في دفعها، ثم مشهدا آخر لمواطن تلقى ضربات بالكفوف والقبضات في أثناء إلقاء القبض عليه في الشارع بغير أن يبدي أي مقاومة لأفراد الشرطة، وثالثا لضابط استخدم ألفاظا بذيئة في سب عدد من العمال والفلاحين البسطاء المسافرين إلى العراق دون أي سبب مفهوم". 
 وعبّرت الكاتبة سكينة فؤاد عن استيائها من سلوك الشرطة فكتبت: "وكأن الشرطة لم تعد في خدمة الشعب، وأنها على خلاف معه"، وذكر يوسف القعيد أنه يرى في تصرفات الكثير من رجال الشرطة ما يشير إلى أن الشرطة أصبحت في خدمة الدولة لا الشعب، وفي السياق نفسه استنكر وزير الداخلية حينذاك زكي بدر دفاع نشطاء حقوق الإنسان عن حق المواطن في أن ينال معاملة إنسانية كريمة بلا عنف وبلا إساءة، فقال: "الذي أتحفظ عليه هو أن المنادين بحقوق الإنسان يعدون الإنسان صاحب الحقوق هو الإرهابي واللص وتجار المخدرات ومن على شاكلتهم".
- إلا أن هذا الاستطلاع وتلك الحرية في كتابة الآراء والنقاش قد انتهت للأبد، وكان ذلك آخر استطلاع تجريه الحكومة المصرية عن أي شيء يخص أي شيء، ولم يأت عام 2002 إلا بفاتورة ضخمة من التعذيب والعنف والقتل الذي مارسته الشرطة المصرية، فورد إحصاء بأقسام الشرطة التي أبلغ مواطنون عن تعرضهم للتعذيب فيها وبلغ عددها ثمانية وثلاثين قسما، أما في الفترة ما بين العام 2003 و2006 فقد بلغ العدد ما يزيد على الثمانية والثمانين قسما للشرطة، مورس فيهم العنف والتعذيب.
- فقد أصبح التعذيب والإهانة والعنف نمطا شائعا ومعتادا ضد أي شخص من قِبل أفراد الشرطة، وقد تضاعف عدد من تعرضوا للعنف والتعذيب أكثر من ثلاث مرات بين عامي 2000 و2008، ثم تضاعف بعد ذلك إلى ما شاء الله في عهد الجنرال. 
 يقسم العقل الأمني مصر إلى ثلاثة أقسام منفصلة لها حدود واهنة يمكن عبورها أو تغييرها بسهولة: قسم الأصدقاء، قسم الأعداء، ثم قسم يضم كل هؤلاء الذين لم يتم تصنيفهم خلال فترة حكم مبارك، نضج العقل الأمني للنظام السياسي في مصر، وبعد المواجهات المتكررة مع خصومه الإسلاميين في عامي 1954 و1965، ثم مواجهة احتجاجات 1968 و1972، ثم احتجاجات 1977، ثم مواجهة تمرد الأمن المركزي 1986، والحرب على التيارات الإسلامية خلال فترة التسعينيات، تكوّن العقل الجمعي للجهاز الأمني في مصر، عقل يتسم أولا بالولاء الكامل للنظام السياسي التابع لدولة يوليو ومعادٍ لأي اتجاه سياسي خارجها، وثانيا يعتبر الإسلاميين هم الخصم الأول لذلك النظام السياسي، وأي مظهر من مظاهر التدين هو اتجاه للتطرف الذي قد يُشكّل تهديدا للنظام السياسي وبالضرورة للجهاز الأمني، فلا يرى الجهاز الأمني الإسلاميين إلا شياطين تريد سرقة السلطة منهم.

وفي ضــوء ذلك يقســم العقـل الأمني مصر إلى:-
 ثلاثـة أقســام منفصــلة لهــا حــدود واهنــة
 يمكـن عبورهــا أو تغييرهـــا بسهولـة:
 قسم الأصدقــاء، قسم الأعــداء، 
ثم قسم يضم كل هؤلاء الذين لم يتم تصنيفهم
... أي "المتعايشين مع الأوضاع"... 
يُصعد النظام إلى خانة الأصدقاء من يُسند إليهم الوظائف العليا والقيادية، ويصطفيهم إلى الدوائر المقربة، ويضع في أيديهم مفردات السلطة ويسلط عليهم الأضواء، أما خانة الأعداء، فتتوجه إليها اليد الباطشة للنظام لفرض السيطرة الكاملة عليها، ولتؤكد أن هؤلاء الاشرار ليسوا بمأمن وليسوا بعيدين عن المنال، وأن مصلحة النظام تعلو فوق الجميع وفوق القانون. 
 .. أما الخــانة الثـالثـــة .. 
فيعتبرها النظــام خــانة المهمشين الذين لا ينتمــون
 لأي فصيـل سياسي أو اتجــاه فكــري واضــح، 
ولا يهتمون سوى بالحياة العادية ومتطلباتها، 
..لكنّهم مرشحون دائما من قِبل الأمن ..
"كقــــائمة احتياطية لخــــانة الأعــــداء "
... فطالما بقوا دون أي تذمر حتى لو أن الأمر يهدد حياتهم فعليهم الموت بصمت، وإلا تضيفهم الشرطة فورا لخانة الأعداء، حتى اتسعت تلك الخانة في نهاية حكم مبارك والحكم الحالي لتسع الكتلة الهائلة من جمهور الشعب.
- أدّت كل الأحداث السياسية السابقة والتغيرات في عقل الأمن إلى تفشي الواسطة والمحسوبية ويلخّص هادي العلوي الأمر قائلا: "ينشأ لدى أركان النظام حافز الاستحواذ على السلطة كونها قيمة مستقلة عن وظيفة الدولة الاجتماعية، تُمكّنها من تحقيق مصالح خاصة، ومن الاستئثار بالمزايا التي توفرها قيادة الدولة، التي تنتج بدورها عن امتلاك أداة للقمع وعن التمتع بالقدرة على توجيه الآخرين وتسيير المجتمع، وحينما تتعدد حوافز القمع، فإنها تخرج بممارسة العنف عن الغرض السياسي المحض لتصبح جزءا من السلوك اليومي، أي نزوعا يتم التعامل به مع سائر فئات المجتمع على اختلاف مواقعها".

  ... الشرطة المصرية مرتع الفساد والاستبداد ... 
أدّت كل الأحداث السياسية السابقة والتغيرات في عقل الأمن وتحوّل الجهاز الأمني لملكية خاصة للنظام السياسي إلى تفشي الواسطة والمحسوبية، وسعى كل لواء أو رجل مهم إلى إلحاق نجله بكلية الشرطة بهدف قضاء فترة التجنيد أو لضمان وظيفة برعاية والده بعد التخرج، أو للعبور منها للالتحاق بسلك النيابة والقضاء. 
 ويذهب الاقتصادي عبد الخالق فاروق إلى أن جهاز الأمن المصري من أضخم أجهزة الأمن في العالم، من حيث الحجم والعدد، فقد زاد عدد أفراد وزارة الداخلية من 214 ألفا في عام 1970 إلى أكثر من 1.5 مليون بما فيهم من شبكات للتجسس والمرشدين والمخبرين عشية ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011. 
ويضيف فاروق أن هذا الحجم الضخم لمؤسسة الأمن قد امتلأ بالفساد الإداري الذي يبدأ من الاختيار الفاسد لأغلب قيادات الوزارة ومناصبها المهمة مثل:
 "أمن الدولة - مصلحة السجون - مديريات الأمن"، ويمتد لصلات القرابة لقيادة الوزارة أو المتحلقين حولهم. "كما استعمل الوزير الرخصة التي أتى بها بتعديلات قانون هيئة الشرطة في شأن التجديد للقيادات العليا والمتوسطة، بدءا من رتبة العقيد وحتى اللواء، وإقصاء كل من تُثار عليه الشكوك حول ولائه أو عدم انصياعه للأوامر.. فمثلا بالنسبة لوحدة مباحث القسم فكان يتم اختيار بعض رؤساء مباحث القسم بمواصفات محددة، منها أن لديه القدرة على تزوير الانتخابات وترويض البلطجية في دائرته لقمع المعارضين السياسيين وقمع الناخبين، وكذلك قدرته على عمل شبكة علاقات مع التجار والمقاولين في دائرته ليتكسب بطريقة غير مشروعة من شقق وأراض وب يزنس، وهذا لا يتم إلا بترضية قياداته حتى ينعم بهذا الفساد".


"كذلك يتم اختياره بناء على قدرته على الاهتمام ببلاغات الكبار والأثرياء، وهذا بفضل الإحصائية الشهرية التي تطلب من ضباط المباحث، هذا فضلا عن أمناء الشرطة أو الأفراد الذين تولوا أعمال بلوكامين المباحث، والذين أثروا من عملهم بفرض إتاوات على المجرمين والمتهمين، بالإضافة إلى تلقي رُشًى من سائقي الميكروباصات وسيارات النقل والأجرة في مزلقانات القطارات، ومواقف الميكروباصات نهارا جهارا بالطريق العام، نظير التغاضي عن تحرير المخالفات، أما مأمور المركز أو القسم فكان يتم اختياره بمواصفات القيادات نفسها، مطيع لقياداته في تنفيذ التعليمات ولو ضد القانون، وطالما له ملف يكون أداة في يد مدير الأمن ينفذ أي شيء من أجل البقاء والصعود للمناصب الأعلى".
 ولا يكتمل مستنقع الفساد الذي تغرق فيه مؤسسة الشرطة إلا بكشف تورط وزارة الداخلية بأكملها في أنشطة تجارية واقتصادية، تصل لتورط بعض كبار رجال الأمن في شبكات لتهريب الآثار وبيع المخدرات وغسيل الأموال، والاستيلاء على أراضٍ وأموال عامة.
 وتنفق الوزارة الملايين على شراء شاليهات ووحدات سكنية، واستخدم رجال الأمن نفوذهم في تأسيس مشروعات تجارية كبرى دون تكاليف وبتسهيلات حصلوا عليها بصفتهم الوظيفية، ثم تولي مناصب حكومية مثل منصب المحافظ بعد خروجهم على المعاش.
 وأدّى تغول مباحث أمن الدولة المعروفة حاليا بـ "الأمن الوطني" في مفاصل الدولة لدرجة طلب كشوف بأسماء المتقدمين للوظائف الحكومية وبعض الشركات الكبرى خاصة شركات الطاقة والبترول، والكشف على سجلهم السياسي، وإبداء الموافقة أو الرفض بناء على رأي مباحث الأمن الوطني.
 في ضوء كل ذلك، يتضح كيف أصبحت الشرطة تقف على الطرف النقيض لما حدث يوم 25 يناير/كانون الثاني 1952، ونفهم لماذا يصعب على رجال الشرطة أن يتخذوا موقفا سياسيا شجاعا أو أن يقفوا في صف العدالة أو حتى الضمير الإنساني، وننتهي إلى أن الشرطة تحتاج إلى تغييرات جذرية في هيكلها الإداري والبنيوي كي تعود لمهمة حفظ الأمن وإقامة العدل وليس أداة قمع في يد النظام الحاكم.

؛؛؛؛ مصـــر الـيـــوم ؛؛؛؛



لماذا يرقص المصريون في المناسبات السياسية؟.فيديو



.. له جــذور فرعـــونية ..
لمـاذا يرقص المصـريون في المناسبات السياسية؟



ربما بات في حكم المعتاد، ومع كل مناسبة سياسية، أن تنتشر عديد المقاطع التي تُظهر رقص عدد من المصريين خلال تلك المناسبات، وفي الاستحقاقات الانتخابية تحديدا. ولم يكن الاستفتاء الأخير على التعديلات الدستورية، في 20 أبريل/نيسان 2019 تحديدا، بغريب عن هذه الظاهرة، حيث انتشرت مقاطع فيديو تصور رقص السيدات والرجال في الشوارع أمام لجان الاستفتاء، بل امتد الأمر لظهور مجموعات من البنات يرتدين قمصانا موحدة في مشهد يعبّر عن رقص مُنظّم، وليقُمن بالرقص في الشوارع. أثارت هذه الأفعال تعليقات ونقاشات واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث كتبت إحداهن: "ايه علاقة الرقص بالانتخابات!!‎"، ليجيبها معلق آخر: "‏‏‎علاقة عكسية.. كلما قل الإقبال زاد الرقص.. معروفة".
وكتب آخر: "‏ناموا بدري عندنا انتخاب تعديل الدستور وفيديوهات رقص ولجان فاضية وتريندات ياما". كما نشرت صفحة وزارة الهجرة المصرية صورة ادّعت أنها لتصويت نسائي في الخارج، تحديدا بميلانو، ترتدي فيه المصوتات زيا موحدا، ليشن ناشطون موجة من السخرية على منشور الوزارة، فكتب أحد الساخرين: "سبحان الله لابسين زي بعض"، وتساءلت أخرى: "ومالهم كلهم لابسين يونيفورم"، بينما طرح آخر سؤالا على وزارة الهجرة: "هو حضرتك الطقم اللي لابسينو بيتوزع فين وهل بالرقم القومي ولا من غير.. وشكرا" .
 قبل ذلك بعام، رقص عدد من المصريين كذلك على أنغام "تسلم الأيادي" وغيرها من الأغاني "الوطنية" أمام لجان الانتخابات الرئاسية، كما رقصوا قبلها أمام لجان الانتخابات في 2014، وعلى دماء معارضي الانقلاب في 2013. 
 هذا التكرار المطّرد، يطرح سؤالا جادا: لماذا يرقص المصريون في المناسبات السياسية؟ هل لأن المصريين يحبون الرقص؟ ولكن ما علاقة الرقص بالمناسبات السياسية؟ وما علاقة حب الرقص بتلك المشاهد لسيدات وبنات ورجال يرقصون بشكل هستيري في الشوارع؟ هل الأمر عبارة عن فرحة عارمة بإنجازات السيسي كما يروج البعض ، أم هو تاريخ من الاستبداد وسطوة الأسياد كما يقول الشاعر إذا كان رب البيت بالدّف ضاربا… فشيمة أهل البيت كلهم الرقص؟

  ... أصــول الرقص عنــد المصـريين ...
"بينما كان اليونانيون القدماء يتقربون لآلهتم بالبكاء والتضرع، كان المصريون يتقربون لآلهتهم بالرقص والغناء"، هكذا كتب ويل ديورانت في كتابه "قصة الحضارة" موضحا تأصل الرقص كسلوك متأصل في هذه المنطقة الجغرافية من قديم الزمان.
إلا أن تفسير توينبي لا يمكن مد خيوطه على انتظامها وصولا للواقع الحالي، فهناك الكثير من العوامل والمعطيات التي تداخلت لتُنتج واقعا جديدا. ومن هنا، يوضح الباحث أحمد قطب
أن الرقص الشرقي الذي نراه الآن في مصر سواء في الأفلام أو في الملاهي الليلية هو نتيجة امتزاج رقص الغوازي برقص العوالم. وتنحدر الغوازي، من "غجر" و"نَوَر" قدموا إلى مصر من بلاد فارس والهند، في موجات هجرة متتالية، واستقدموا معهم عادات وتقاليد متحررة من الدين والأخلاق، وامتهنوا الرقص وتقديم المتعة لطالبيها. 
أما العوالم فالكلمة هي جمع لمفردة "عالمة" وتعني الراقصة المحترفة التي تتميز عن الغازية بمعرفتها بالآلات الموسيقية والعزف، وحفظها للقصائد والمأثورات. 
 وفي أواخر القرن الثامن عشر وبدايات القرن التاسع عشر، قام والي مصر بنفي الغوازي إلى إسنا، جنوب مصر، بعد أن تقربن من الجنود الفرنسيين الغزاة بالمتعة والرقص، الأمر الذي أشعر والي مصر بالإهانة. أما في أواخر القرن التاسع عشر حتى أواسط القرن العشرين، فقد نجحت "العوالم" في كسب مكانة اجتماعية مرموقة، فكنّ يغنين في مناسبات واحتفالات الأعيان والأغنياء والأسرة الحاكمة .



وعندما بدأت تركيبة المجتمع المصري بالتغير في بداية خمسينيات القرن العشرين وحتى نهاية حكم عبد الناصر، وحل مكان البشوات والتجار والأعيان جنرالات الجيش في عهد عبد الناصر وبعده، بدأ الانحدار تدريجيا يجتاح المجتمع المصري ولتنهار معه الذائقة الموسيقية والجمالية ، ولتعتلي الراقصات وفق هذا الواقع الجديد قمة المجتمع المصري وذلك تزامنا مع تقرّبهن وتقريبهن من دوائر النخبة السياسية والاقتصادية ودوائر صنع القرار. ومع دخول عصر الانفتاح الاقتصادي، الذي بدأ مطلع سبعينيات القرن الماضي في عهد الرئيس الأسبق محمد أنور السادات، بدأ اندثار ما يُمكن توصيفه بالفن الراقي وحفظ القصائد الرصينة وغنائها، حيث ساهم هذا الانفتاح الاقتصادي في بروز الاستهلاكية على عدة أصعدة، وصار أداء الرقصات مُقتصرا على الإثارة البحتة للغرائز الجنسية ، وحلت الأغاني الراقصة ذات الإيقاع الصاخب السريع محل أغاني الطرب القديمة ذات الإيقاع البطيء، ومع صعود الراقصات على مختلف المنصات، أطلق المصريون العنان لأجسادهم بالرقص.
  ... رقص طـوال الـوقـت ...
فيما سبق، كان الجمهور المفتون بالطرب يترك ليديه العنان للتعبير عن استحسانه لما يسمع، أما في الثمانينيات والتسعينيات ومع تغير النمط الفني وفق المنطق الاستهلاكي، أصبح الجمهور يصفق ويرقص تلبية لدعوة ملحة مباشرة وصريحة من المطرب، بل أمسى المطرب يقيس نجاحه عبر مقدرته على جعل الجمهور في الحفلات الغنائية أو حفلات الزواج وغيرها يصفقون ويرقصون طوال الوقت ، حتى صار الرقص جزءا أساسيا داخل الأغنية المصرية مع ظهور "الفيديو كليب".


 وعلى رغم أن "الرقص البلدي" كان يهدف للإثارة الجنسية بشكل واضح وصريح، فإنه كان محصورا في الأفلام أو الأفراح وليالي السهرات الخاصة، وبذلك فإنه حافظ على خصوصيته باعتباره جزءا من عالم "العوالم" (الراقصات)، أي باعتباره عالما مستقلا عن عالم الحياة اليومية، يشاهده المصريون مع وجود مسافة بينهم وبينه، وقد يقتربون منه للمشاهدة والمتعة دون أن يمس حياتهم اليومية وقد جسد الروائي المصري نجيب محفوظ في ثلاثيته (بين القصرين - قصر الشوق - السُّكرية) هذه الفكرة بوضوع.
إلا أن "الفيديو كليب" مثّل مرحلة فاصلة في عملية التحول تجاه التطبيع اليومي، وهي المرحلة التي دشنت عصرا سقطت معه تلك الحواجز الفاصلة باتجاه "التطبيع مع الرقص والإثارة" 
 يذهب الدكتور عبد الوهاب المسيري إلى أن الرقص "يُقدم في الفيديو كليب على أنه جزء من صميم حياتنا العادية اليومية، فعِوَضا أن تذهب إلى "الكباريهات" جاءت هي إلينا. ولعل هذا ما حققه شريف صبري في أغنية روبي الأولى "إنت عارف ليه" وذلك حينما ظهرت تسير في الشارع ببدلة الرقص بطريقة مشابهة لما يحدث في الحياة اليومية، ثم ظهرت بملابس عادية، واستمرت بنفس الرقص البلدي. هنا يمكن ملاحظة أن الرقص البلدي لا يُماثل رقص المحترفات، بل يشبه في حركاته وتفاصيله الرقص اليومي، الذي ترقصه بنات "الناس الطيبين" في التجمُّعات العائلية، وهو ما يؤسس تدريجيا لحالة من هدم الحواجز بين حياتنا اليومية والرقص البلدي، ويتم تطبيعه تماما" .



 "ثم تم تعميق هذا الاتجاه في أغنية روبي الثانية "ليه بيداري كده"، فهي تظهر بملابس رياضية وبفستان سهرة وبملابس تشبه ملابس فتيات المدارس المراهقات، ثم ملابس أرملة، ولكنها داخل كل هذه الملابس العادية تقوم بحركات أقل ما توصف به أنها غير عادية. ويتم تأكيد هذا الاتجاه نحو تطبيع الرقص في الجزء الأخير من "ليه بيداري كده" فهو مشهد يمكن وصفه بـ "الفيديو المنزلي"، والتي تظهر فيه روبي مرتدية ملابس عادية، وتذهب إلى الكوافير بصورة عادية أيضا، بل ويظهر وجهها في إحدى اللقطات وهي تبتسم، وبراءة الأطفال في عينيها (وإن لم يمنع الأمر أن تذكرنا بعالم الرقص في لقطة عابرة من الهوم فيديو).
 إن عملية التطبيع هذه تُحول راقصة الفيديو كليب إلى جزء من الحياة اليومية العادية، وربما يمتد تأثيرها لتصبح قدوة يُحتذى بها باعتبارها مثلا أعلى" .
 ومع تزايد سرعة إيقاع الأغنية، وانهيار القيم والمعايير بالتوازي مع موجات التغريب، وانتشار الأغاني الراقصة و"الفيديو كليب"، أصبح الرقص جزءا من الحياة اليومية لدى المصريين، وعِوَضا عن أن يكون الرقص تعبيرا عن الفرحة بشكل خاص في المناسبات الاجتماعية والعائلية الخاصة، فقد أصبح سلوكا يوميا، وليتحول تدريجيا باعتباره فعلا اندماجيا داخل الحياة اليومية، والمناسبات السياسية، وبذلك تحول الرقص ليصبح فعلا "أيديولوجيا"، ليس فقط للتعبير عن شعور الفرح أو مسايرة الإيقاعات الصاخبة، بل أصبح المصريون يرقصون للدفاع عن فكرة معينة والانتصار لها. 
وكما ترقص المغنية في "الفيديو كليب" مقابل المال والراقصة في الأفراح مقابل المال أيضا، فقد أصبح الرقص في المناسبات السياسية مهنة تقوم بها الفتيات في المناسبات السياسية مقابل أجر في اليوم.



  الرقص في المناسبات السياسية
‏بنت زي الوتد.. وبنت رقاصه..  ندل يحكم بلد ..
 والشــهم لـه رصاصــه
منذ تولي جمال عبد الناصر منصب رئيس الجمهورية في مصر، انتشرت ظاهرة "التصفيق" السياسي كسلوك جماهيري ملازم لخُطب الرئيس، وأحيانا كثيرة يتطور التصفيق إلى صفير وهتاف ورقص ابتهاجا بخطب الرئيس وسياساته، واستمر هذا الأمر في عهد أنور السادات، الذي رغم انقلابه على سياسات عبد الناصر فإنه لم يتخل عن السخرية والتهكم والقرارات الحاسمة في خُطبه، والتي عادةً ما يصاحبها ضحك المستمعين وتصفيقهم الحار، ومع دخول الثمانينيات وظهور الأغنية السريعة ذات الإيقاع الصاخب، بدأ انتشار الرقص في المجتمع المصري كما فصّلنا سابقا.


أما في عهد حسني مبارك، سرعان ما تحول الرقص إلى شيء عادي ويومي في حياة المصريين، وقد استأنف مبارك استأنف مدته الرئاسية تحت أنغام الأوبريت الراقص "اخترناه"، هنا تحول "التصفيق" السياسي إلى رقص سرعان ما انتشر بين المواطنين الذين لبّوا النداء، وقدموا الرقصات فرحا أمام اللجان الانتخابية. 
 و بعد 30 يونيو/حزيران 2013 تحديدا، بدأ ظهور رقص عدد من المصريين على أنغام "تسلم الأيادي" وغيرها، وكان من أهم الأسباب التي تقف وراء رقص المصريين في المناسبات السياسية هو "وصم الآخرين" كما يقول الدكتور عماد عبد اللطيف ، فقد اتسم الخطاب السياسي المصري، خاصة عند عبد الناصر والسيسي، بالتمييز الكامل بين جماعتين، "الأولى هي جماعة المتكلم الذي يستخدم فيها المتحدث ضمير(أنا) و(نحن).. وتضم الأفراد والجماعات التي يرى المتكلم أنها تشاركه أفكاره أو مصالحه.. وتوضع جماعة "النحن" هذه بشكل دائم في مقابل جماعة أخرى تُقدم بوصفها الآخرين الذي يُشار إليهم بواسطة ضمير "هم".. وهذه الجماعة غالبا ما توصم بكل الصفات السلبية المضادة للصفات الإيجابية التي توسم بها جماعة "نحن".. فالآخر في الخطاب الناصري في الستينيات هو قوى الرجعية والإخوان المسلمين والإمبريالية وعملائها"، إنما في خطاب السيسي فالآخر منذ 3/7/2013 كان القوى الإسلامية والإخوان المسلمين أو الإسلام السياسي كله.


ومنذ 3/7/2013 لم يتوقف المصريون عن الرقص، شماتة وفرحا في أعدائهم الذين انهزموا بإعلان بيان الانقلاب العسكري في الثالث من يوليو/تموز، ثم زادت فرحة هؤلاء المصريين أكثر بعد فض اعتصاميّ رابعة والنهضة، وبعد التنكيل بالمعارضين وحرقهم أحياء، نزل بعض المصريين يزغردون ويرقصون فرحا على أشلاء الضحايا والشهداء، ومن يومها، تحول الاحتفال والرقص إلى أيديولوجية وطنية، تقوم على إغاظة الطرف المهزوم.
وكما يعبر التصفيق عن الولاء السياسي في فترة الصراعات ، فقد جاء الرقص ليلعب ذلك الدور، وليصبح التحريض على الرقص مُعبّرا عن الحالة الهشة للشرعية السياسية للسلطة العسكرية في الشارع المصري، والتي تحتاج إلى حالة حادة من التأييد الذي لم يعد التصفيق فيها كافيا. وبذلك، جاءت حفلات الرقص في الشوارع، لتكون مثل حفلات "الزار" لإرضاء الأسياد وإدماج الشعب في حالة هيسترية من الفرح، لا يعود بعدها يعاني من أي اضطراب يدعوه للمعارضة أو حتى النقاش، بل التأييد الأعمى.



... الزار السياسي .. وصنم الرئيس ...
يتشابه رقص المصريين في المناسبات السياسية، إلى حد كبير، ورقص "الزار"، والزار هو أحد الطقوس الشعبية القديمة التي لا تزال موجودة في مناطق معينة في مصر، وهو شبيه بالاحتفالات الدينية التي تقام في القبائل البدائية لطرد الأرواح الشريرة ، حيث يعتمد "الزار" على عملية "غسيل المخ"، إذ إن الطقوس التي تقام فيه تصل بالشخص إلى درجة من الانهيار العصبي الكامل، بحيث يكون متقبلا لأي إيحاءات تُوحى إليه.


تأتي الشيخة أو المشعوذة بالآلات الموسيقية، وهي عادة "طبل كبير مستدير وطار، وطشت يقرع عليه بالعصا"، ولكل من "الأسياد" ضربات مخصوصة على الطبل، فتضبط المشعوذة النغم والإيقاع "بادئة بالأسياد الكبار، ثم تهبط إلى الصغار، ثم تتوسل إلى كل من هؤلاء الأسياد. وعند التوسل تقوم النساء اللاتي أجرين عقد الزار من قبل بالرقص، عبر اهتزازات وحشية عنيفة مع تحريك أذرعهن بحركات تشنجية ارتجاجية، أما اللاتي لم يعقدن الزار لأنفسهم من قبل فإنهن يبقين جالسات ولا يُسمح لهن بالرقص ويكتفين بأن يحركن أجسامهن يمنة ويسرة"  .


"وعادة لا يبدأ الرقص الذي تقوم به سيدة واحدة بمفردها إلا بعد أن يستمر دق الطبول لوقت طويل… وقد تبقى بعض النساء جالسات هادئات وسط هذا الهرج، ولكن أغلبهن يصبن بنوع من الغيبوبة في أثناء الرقص فتلمع أعينهن". 
ويوضح صلاح نصر في كتابه "الحرب النفسية" كيف أن رقص الزار هدفه الأساسي هو "غسيل المخ"، وهو شبيه إلى حد كبير بالحفلات التي تُقام في الشوارع أثناء الانتخابات والاستفتاءات، حيث يرقص النساء والرجال في مشهد يهدف لتسويق اقتناع الشعب، الراقص والمُشاهد، بالسيد الذي سيحل مشكلاتهم ويشفي آلامهم وهو السيد الجنرال عبد الفتاح في هذه الحالة. 
 تصف "ماديادرين" تفاصيل الآثار الجسمانية والنفسية لدقات الطبول على عقلها، حيث يقول صلاح نصر إنها كانت قد سافرت إلى جزيرة تاهيتي بمنحة دراسية لتصوير الرقص التاهيتي في فيلم سينمائي، فانتهى بها المطاف أن وقعت تحت تأثير تلك الإيقاعات والرقصات، فتقول: "إن جمجمتي كالطبلة، وفي كل دقة كبيرة أحس شيئا مثل سن العصا يدق ساقي إلى الأرض، وملأ الغناء سامعي داخل رأسي.. سيمزقني هذا الصوت، لماذا لا يتوقفون؟ إنني لا أستطيع تحريك ساقي بحرية، لقد وقعت في الفخ ولم يعد لي مخرج منه، إن قوة غريبة تسري في عروق ساقي كالمد العاتي ولا أستطيع أن أتحملها، ومن المؤكد أنها ستجعل جلدي ينفجر" . 
 وينتهي صلاح نصر إلى أن احتفالات الزار تشبه الاحتفالات الدينية الوثنية لتنصيب السيد الحاكم أو الإله أو رئيس القبيلة، وهي نوع من غسيل المخ التي تؤثر تأثيرا بالغا على تفكير الإنسان، وتجعله يندمج مع القطيع ومع الجماعة السياسية دون شكوى أو اعتراض، وهذه الاحتفالات الراقصة مهمة لتزيين الحياة السياسية وغسل دماغ الجماهير بالإنجازات، لكن الأخطر هو أن هذا الرقص يمكن أن يتحول من ناحية تأثيراته، إلى أن يضفي عظمة وثنية لرئيس الدولة كما كان يُفعل قديما لرئيس القبيلة عند الشعوب البدائية.
... الرقص حول الذكر المسيطر ...
"ولا يصبح الملك ملكا إلا بعد حفلة التتويج، وهي حفلة تتم مراسمها عادة بمدينة منف بسلسلة من الطقوس الرمزية والأدعية التقليدية التي يتم فيها تذكير الناس بتوحيد المملكتين في شخص الملك فيدخل بين مصاف الآلهة ويصبح مساويا لهم، ويتسلم خلال التتويج "الصولجان والسوط" وبعد ذلك ينتصب ناهضا وعلى هامته تاج الجنوب والشمال" .
 هكذا يحاول الأستاذ إمام عبد الفتاح شرح صورة تأليه الحاكم في مصر قديما، لكن يبدو أنه لكي نحاول فهم لماذا يرقص الناس حول الحاكم القوي المسيطر، علينا العودة إلى ما قبل الدولة، ففي حالة مصر تحديدا، وفي ظل غياب نظام سياسي ومشاركة سياسية، فإن مصر تتحول من كونها دولة، لاعتبارها حالة بدائية من النظام السياسي التي يسيطر فيها الفرد، الزعيم، باعتباره مسيّر الأمور، وبذلك يتماهي الأفراد مع الحاكم باعتباره المعبّر عنهم. 
وبذلك، وبالقياس على القبائل القديمة، فقد كان يعيش الأشخاص في قبائل، وكانت كل قبيلة تنصب لنفسها "طوطم" تعبده وتخضع له، وهذا الطوطم عبارة عن صنم لحيوان أو نبات أو رئيس القبيلة مدمج مع شكل حيوان، ويمثل هذا الطوطم ملجأ أمينا للنفس عند أشخاص القبيلة، تودع فيه كي تبقى في منأى عن الأخطار التي تهددها، فإذا آوى الشخص في طوطمه، فإنه يصبح بعيدا عن الأذى وبالطبع يصبح هو بمنأى عن تعريض ذاته للخطر.
وهذا الخوف الذي يُشكّل حياة الإنسان هو عماد النظام الأبوي الذي يدشنه رئيس القبيلة، وهذا ما يوضحه فرويد بناء على بعض التجارب التي أجراها على الأطفال، فيعلق على حالة طفل يعاني من رهاب الكلاب قائلا: "رهاب الكلاب لدى هذا الطفل هو في الحقيقة خوف منزاح من الأب على الكلاب.. فأعتقد أن مثل هذه الرهابات مثل رهاب الكلاب والأحصنة منتشر في الطفولة.. ويظهر في التحليل على الدوام تقريبا على أنه انزياح للخوف من أحد الأبوين إلى الحيوانات" .
 وينتهي فرويد إلى أن الطوطم في القبائل البدائية الذي يُكِن له أفراد القبيلة الخوف والاحترام والتبجيل هو في الواقع بديل الأب، وهذا هو سر سطوة حاكم القبيلة على أفراد قبيلته، حيث يقدم نفسه في صورة الأب الذي يحل به الطوطم أو المتصل الوحيد به، وبذلك يضمن رئيس القبيلة خضوع أفراد القبيلة كلها له، كما يقدم نفسه على أنه الأب الحنون والقاسي والصارم في الوقت نفسه، وهو الذكر القوي الذي تقع كل النساء تحت يده، ولا يستطيع ذكر أن يتزوج إلا بإذنه، لأنه الذكر الأقوى على الإطلاق ، وللمصادفة هي الصورة نفسها التي قدم بها الجنرال عبد الفتاح نفسه، ففيما كان يجمع حوله الممثلين والنخبة المصرية قائلا لهم: "أنتو نور عينينا"، كانت النساء تتغزل في السيسي، الذكر القوي المخلص من شرور الإخوان القبيحين والعاجزين عن مجاراته.


وخلال حفلة تنصيب الحاكم، تُقام الوليمة الطوطمية التي تُذبح فيها الأضحية على شرف حاكم القبيلة، ويرقص النساء والرجال حول النار في مشهد ديني خالص، ثم تتحول المشاعر الدينية إلى مشاعر فرح صاخب، تحرر الرجال والنساء من جميع المخاوف والقيود الأخلاقية، ويصبح العيد "انحرافا مسموحا به، بل مأمورا به، وهو خرق احتفالي للمحظور، ولا يقوم البشر بهذه التجاوزات، لأنهم فرحون مرحون امتثالا لأمر من الأوامر، بل إن الانحراف كامن في طبيعة العيد، والمزاج الاحتفالي تصنعه إباحة المحظورات"  .


أما عبد الوهاب المسيري فيذهب إلى أن الدولة في العصر الحديث قد حلت محل الطوطم المقدس، فيما حل الحاكم المستبد محل رئيس القبيلة، فيقول: "الدولة هي الغرض (التيلوس) الذي يقصد إليه الإنسان، وهي النظام الأخلاقي، وهي الغاية النهائية في السلوك الاجتماعي والأخلاقي، بل هي إله يسير في العالم (اللوجوس)، والدولة هي المرجعية النهائية… والدولة مقدسة لا بسبب صفاتها الأخلاقية الكامنة فيها فحسب، وإنما بسبب قوتها أيضا" . 
وعندما تحل بتلك الدولة مظاهر الضعف والتفكك "يأتي القائد (الجنرال) لينقذ الجماعة، وهو يحمل مسؤولية دولته ليواجه كل الصعاب، فهو سيد مطلق القدرة، مثله على الأرض مثل الإله في السماء، همه هو مبدأ سلامة الدولة ومصلحتها العليا.. فعليه أن يحافظ عليها حتى لو أدى به الأمر إلى أن ينقض الأخلاق والقوانين والأعراف وكل ما هو إنساني وأخلاقي، وأن يضحي بكل شيء من ضمنهم البشر والقيم والأخلاق" .
ولتنصيب هذا الحاكم المتغلب الذي يشبه سيد القبيلة ويحل فيه طوطمها وتخضع له كل النساء ويرقصن حوله، يجب إقامة الاحتفالات ذات الطابع الوثني التي يرقص فيها الرجال والنساء دعما وفرحا بتنصيب الحاكم. وهكذا، وبعد أن أصبح الرقص شيئا اعتياديا في الشارع المصري، فقد اعتاد المصريون على رؤيته يوميا، ومع صعود الرقص كفعل أيدولوجي منذ 3/7/2013 للتعبير عن الوطنية والولاء للدولة وإغاظة الخصوم، بجانب الدعاية الإعلامية المستمرة لسيادة الجنرال، وتحول الرقص في المواسم السياسية إلى مهنة ذات أجر عالٍ، بجانب رمزية الرقص لخضوع المصريين وخاصة النساء للحاكم ذي المقدرة الجنسية الأعلى من باقي رجال القبيلة وذي السلطة والسطوة والقوة، يمكن أن نفهم لماذا يرقص المصريون في المناسبات السياسية. 
إلا أنه ورغم مشهدية الرقص التي تُعيد إنتاج نفسها مع كل رقص سياسي لتكرس واقعا ثقافيا وأيديولوجيا جديدا ترعاه السُّلطة، فإن هذا لا يعني مسارا خطيّا عموديا تنجح عبره السلطة لفرض لونا واحدا، فالاعتراضات والانتقادات والتعبيرات الساخرة، تكاد تكون ملازمة لكل رقص سياسي بما يصاحبه من تعبيرات عن انحدار الذوق.

؛؛؛؛ مصـــر الـيـــوم ؛؛؛؛

من روائع الدعاء لله سبحانه وتعالى في جوف الليل: 
 " اللهم بدّل أقدارنا إلى أجملها، فإنك القادر الذي لايعجزه شيء،
 يارب بك تطيب الخواطر، ومن عندك تتحقق الأمنيات، ويستجاب للدعوات المستحيلات"


الاثنين، 27 مايو 2019

بين الماضي والحاضر.. التخطيط للمستقبل


.. لا تندم أبداً .. 
فلو كان الماضــي جيداً فهــذا رائع 
. ولو كان سيئاً فهذه خبرة .


... بين المــاضي والحــاضر ...
مهما بعد الزمان، واندثرت أيامه، 
يبقى له طابعه الخاص، واللهفة إلى أشخاصه، كزهرة مجففة كزجــاجة عطــر فــوّاح
 لم تحتفظ بداخلها سوى بذكرى رائعة،

  وفي هذا المقال جمعتُ لكم بعض الحكم الجميلة عن الماضي.
... حكـــم عن المــاضي ...
 من يتحكّم في الماضي يتحكم في المستقبل؛
 ومن يتحكمّ في الحاضر يتحكم في الماضي. 
هؤلاء الذين لا يتذكرون الماضي محكوم عليهم بإعادته.
نحن نحب الماضي لأنه ذهب، ولو عاد لكرهناه. ما تراه الأن ليس إلّا انعكاساً لما فعلته في الماضي وما ستفعله في المستقبل ليس إلّا انعكاساً لما تفعله الآن. لا بأس من أن يكون ماضينا أفضل من حاضرنا، ولكن الشقاء الكامل أن يكون حاضرُنا أفضل من غدنا، يا لِهاوِيتنا كم هي واسعة. بدون الذاكرة لا توجد علاقة حقيقية مع المكان. 
دراسة الماضي مهم لمن بريد التخطيط للمستقبل. بين الماضي والحاضر والمستقبل ليسهناك سوى وهم في تفكير العقل البشري.. 
إذا لاحظتم إن الأوقات الحزينة نشعر بها أنها طويلة بينما الأيام الفرحة تمر كالدقيقة وهذه هي النسبية. 
الماضي أشبه بالآتيَ من الماء بالماء. 
ثمة ناس كثيرون يخافون من الشغف لأنه يدمر فى طريقه كل ما يتعلّق بالماضي. 
على شعبنا ألا ينسى ماضيه وأسلافه، كيف عاشوا وعلى ماذا اعتمدوا في حياتهم وكلما أحس الناس بماضيهم أكثر، وعرفوا تراثهم، أصبحوا أكثر اهتماماً ببلادهم وأكثر استعداداً للدفاع عنها. في الماضي كانت تُمارس علينا سياسات التجهيل، الآن نمارس على أنفسنا سياسة تصديق كل الخداع الإعلامي.. النتيجة واحدة . 
لا تندم أبداً، فلو كان الماضي جيداً فهذا رائع ولو كان سيئاً فهذه خبرة.
 انقسم العديد منا إلى قسمين، قسم يندم على الماضي وقسم يخشى المستقبل. التسامح الحق لا يستلزم نسيان الماضي بالكامل. التاريخ هو صيغة أحداث الماضي التي قرر الناس الاتفاق عليها. 
التوبة اسم يقع على ستة أشياء على الماضي من الذنوب الندامة ولتضييع الفرائض الإعادة ورد المظالم وإذاقة النفس مرارة الطاعة كما أذقتها حلاوة المعصية وإذابتها في الطاعة كما ربيتها في المعصية والبكاء بدل كل ضحك ضحكته. المستقبل بالنسبة لله حدث في علمه وانتهى، وكل ما يأتي في الغد القريب والبعيد بالنسبة لله تحصيل حاصل، ولهذا نجد الله يصف أحداث يوم القيامة بالفعل الماضي مع أنها مستقبل. 
كما في قوله تعالى: ( وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا ). 
في كثير من الأحيان، قد يستسلم الثوار من الماضي إلى الجشع، واستسلمو لإغراء مصادرة الموارد العامة للثراء الشخصي. 
الوقت ينسي الألم ويطفئ الأنتقام، بلسم الغضب ويخنق الكراهية، فيصبح الماضي كأن لم يكن . أنسى الماضي . التحسر على الماضي كالركض وراء الريح. إن الذين لا يعتبرون من أخطاء الماضي مكتوب عليهم تكرارها مرة أخرى. 
إذا أطلقت نيران مسدسك على الماضي أطلق المستقبل نيران مدافعه عليك. 
لو بدأنا معركة بين الماضي والحاضر فسوف نجد أننا خسرنا المستقبل. ننظف الماضي، وننظم الحاضر .. ثم نبني المستقبل. 
ما الماضي إلّا حلم، وما المستقبل إلّا رؤية، وعيشك الحاضر بحب تام لله سبحانه وتعالى يجعل من الماضي حلماً من السعادة ومن المستقبل رؤية من الأمل. نحن نحب الماضي لانه ذهب، لكن لو عاد لكرهناه. 
الحاضر ليس هدفاً .. فالماضي والحاضر مجرد وسائل، إما المستقبل فهو الهدف.
أنني اهتم بالمستقبل لأني سأقضي فيه بقية حياتي. المستقبل ينتمي الى هؤلاء الذين يعدون له اليوم.
من المهم أن نتعلم كيف نوازن بين الحاضر والمستقبل؛ حتى لا نكون من الذين يقضون الشطر الأول من حياتهم في أشتهاء الشطر الثاني، ويقضون الشطر الثاني في التأسف على الشطر الأول. ليس المستقبل إلّا الماضي في حالة تحضير وتهيئة. 
الامس هو شيك تم سحبه، والغد شيك مؤجل .. أما الحاضر فهو السيولة الوحيدة المتوفرة، لذا علينا أن نصرفه بحكمة.
لو إن ما فعلته بالأمس يبدو عظيماً، فهذا يعني أنك لم تفعل شيئاً اليوم.
ان التنافس مع الذات هو افضل تنافس في العالم، فكلما تنافس الإنسان مع نفسه كلما تطور، بحيث لا يكون اليوم كما كان بالأمس، ولا يكون غداً كما هو اليوم. تذكر أن اليوم هو الغد الذي كنت قلقاً عليه بالأمس. سامح، واطلق سراح الماضي. استمتع بالأشياء الصغيرة، لأنك في يوم ما قد تنظر إلى الوراء وتدرك أنها كانت الأشياء الكبيرة.
عقد الماضي ليست إلا أعباء ثقيلة يشق عليك حملها فوق ظهرك، فسارع إلى أخراجها من حقيبة سفرك والتخلص منها.
يكفيك من أخطاء الماضي وقفة اعتبار تعطيك دفعة جديدة في طريق الحق والصواب. ليس الماضي إلّا كنزاً من المهارات والخبرات والتجارب، بدونها يتخبط الإنسان في الظلام. الحنين الخفي إلى الماضي أقوى وأشد.
إنك أنت من يصنع الوقت، تغلق عينيك فتصير في الماضي، تغلقها مرة أخرى فتستشرف المستقبل. إن الماضي دوامة إذا تركته يسيطر على لحظتك الحالية فأنه سيمتصك ويجرفك. لكن المستقبل لا يعيش أبداً بين جدران الماضي. الماضي جميل لانه ذهب ولو عاد لكرهناه. يأتي الواحد من الغرب ليهرب من الماضي ويبدأ من جديد .. لكن هوسنا يلاحقنا ..مثل الريح ..!. فلأنك كنت أسير الماضي ؛ فشلت وأضحيت تخاف من هزيمة جديدة. 
من الذي قال إنك لا تستطيع تغيير الماضي مهما حاولت؟ أياً من كان فلقد كان محقاً. التمييز بين الماضي والحاضر والمستقبل ليس إلا وهم دائم. إن كنت مكتئباً لعز قد مضى ... هيهات يرجعه اليك تَنَدُّم. لا تسرح في الماضي ولا تحلم في المستقبل، بل ركز ذهنك على الحاضر. 
إذا فتحنا شجاراً بين الماضي والحاضر، سنجد أننا خسرنا الكثير من المستقبل. ما مضى مقدمة لرواية. يقولون أن المعجزات من الماضي. لا أريد مستقبلاً يفصلني عن الماضي. أحب الأحلام بالمستقبل أكثر من تاريخ الماضي. 
الإجحاف عبء يشوش الماضي ويهدد المستقبل ويجعل من الحاضر صعب المنال. لدينا حياة واحدة ستصبح قريباً من الماضي، ما علينا فعله لله هو ذلك العمل الذي سيدوم. بينما أستوحي إلهامي من الماضي، أعيش من أجل المستقبل كمعظم الأمريكيين. التغيير سنة الحياة، ومن ينظر إلى الماضي والحاضر فحسب، سيفوته المستقبل بكل تأكيد.
 لكل قديس ماضي ولكن مذنب مستقبل. التسامح الحق لا يستلزم نسيان الماضي بالكامل. حتى المستقبل كان أجمل في الماضي. 
من يتحكم في الماضي يتحكم في المستقبل، ومن يتحكم في الحاضر يتحكم في الماضي. 
أسعد النساء، مثلهن مثل أسعد الدول، من ليس لهن ماضٍ. عندما تصفح فأنت لا تغيّر الماضي، بل تغير المستقبل. 
قافلة الماضي لن تصل بك إلى أي مكان. الماضي شبح، والمستقبل حلم، فكل ما نملكه هو الحاضر. لا تبق في الماضي، ولا تحلم بالمستقبل، بل وجه عقلك نحو الآن. إذا أطلقت نيران مسدسك على الماضي أطلق المستقبل نيران مدافعه عليك.


؛؛؛؛ مصـــر الـيـــوم ؛؛؛؛


حلم «من النيل إلى الفرات» دولة بدون حدود..فيديو


«وثيقــة» قـديمة تكشـــف
 خطـــة إسرائيل لـ«تفكيـك» 7 دول عربيــة كُبـــرى



قالها بملئ العين، ودقّ طبول الحرب قبل أوانها بسنوات، وكشف عن خطّة أميركية ترمي إلى احتلال سبع دول في الشرق الأوسط، نظرا لأهميتها الإستراتيجية واحتوائها على البترول. ماذا لو إستفاد القادة العرب والشّعوب العربيّة وأخذوا العبر من زلاّت لسان أبرز أقطاب“الصهيونية” العالمية هنري كيسنجر، لا بل من فلسفاته ووقائع الأحداث التي تخطّط لها الصّهيونيّة وقادتها.
في حديث قديم له لصحيفة"ديلي سكيب الأمريكية"، قال كيسنجر:" لقد أبلغنا الجيش الأميركي أننا مضطرّون لتولّي زمام الأمور في سبع دول شرق أوسطيّة، نظرًا لأهميتها الإستراتيجية لنا خاصةً أنها تملك النفط وموارد اقتصادية أخرى"، معتبرًا من لا يسمع طبول الحرب تدقّ فهو بكل تأكيد أصمّ. ولفت إلى أنّه إذا سارت الأمور كما هو مخطّطٌ لها سيكون نصف الشرق الأوسط لـ "إسرائيل"، مصرّحًا أن أتباع الصّهيونيّة تلقّوا تدريبات قتاليّة في الولايات المتّحدة والغرب في أثناء العقد الماضي، وعندما يتلقّون الأوامر للخروج إلى الشوارع ومحاربة تلك "الذقون المجنونة" حسب تعبيره، فسيطيعون الأوامر ويحولونهم إلى رماد.
وأضاف كسينجر أن بعد كل تلك الخطوات ستبني الصّهيونيّة مجتمعًا عالميًّا جديدًا لن يكون إلا لقوة واحدة وحكومة واحدة هي الحكومة العالمية “السوبر باور”((The Super Power.
- أثار قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأخير بضم هضبة الجولان السورية المحتلة إلى السيادة الإسرائيلية، حالة من الجدل؛ لاسيما أن هذا القرار يأتي بعد شهور قليلة من قرار ضم مدينة القدس لإسرائيل، واعتبارها العاصمة الأبدية لها.
كما أن الحديث عن سعي إسرائيل والولايات المتحدة لضم المزيد من الأراضي العربية المحتلة، في إطار ما بات يعرف بصفقة القرن، يؤكد أن إسرائيل تسير بخطى ثابتة في تحقيق حلمها القديم «إسرائيل من النيل إلى الفرات».

... دولــة بدون حــدود ...
يشير الكثير من الخبراء إلى أن عدم وجود حدود لدولة إسرائيل حتى الآن، يؤكد أن الدولة العبرية ماضية وبقوة في تحقيق حلمها القديم من النيل إلى الفرات.
وبحسب آباء الصهيونية وكذلك آباء اليهود المتطرفين، فإن الحدود المتخيلة لـ"إسرائيل" ليست ضمن نطاق فلسطين التاريخية فقط، وإنما تتجاوز ذلك، فالعلم الإسرائيلي الذي يحده من الأعلى والأسفل خطان أزرقان متوازيان يشيران إلى أن حلم الدولة الكبرى ممتد بين نهري النيل في مصر والفرات في العراق.
ويقول الخبراء، إن دولة الاحتلال حتى هذه اللحظة ترفض وبشكل قاطع ترسيم حدودها وأن تضع أي خارطة واضحة ورسمية لموقعها الجغرافي مع الدول المجاورة ولها، لأن ذلك يتنافى مع حلمها الكبير.
ويضيف الخبراء: "العقلية الإسرائيلية منذ بداية الاحتلال للأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948، مبنية في الأساس على السرقة والعربدة والاستيطان، وتحاول من خلال التزوير والتضييق والحصار اللعب على ملف الخارطة الجغرافية الممتدة، وأخذ ما يمكن أخذه بقانون القوة والكذب.
ويتابع الخبراء: "لم يبقَ من القدس شيء، والدور الآن قادم على ما تبقى من أراضي الضفة الغربية المقسمة لفئاتها الثلاث "أ" و"ب" و"ج" وخلال عام واحد فقط، فالمخطط الإسرائيلي الكبير سيسيطر على ما تبقى من الضفة ويضمها لسيادة الاحتلال".
ويقول الخبراء، إنه حسب خطة تيودور هيرتزل المعروفة، فإن «إسرائيل الكبرى» تمتد من حوض النيل إلى الفرات، وكل من يحدث في العالم العربي يصب في خانة الخطة الصهيونية للشرق الأوسط، وهذه الخطة تعني إضعاف الدول العربية المجاورة لإسرائيل وتفتيتها، كجزء من المشروع التوسعي الإسرائيلي، الذي يتضمن طرد الفلسطينيين، ومن ثم ضم كل من غزة والضفة الغربية لإسرائيل. 
وتشمل الخطة إنشاء عددًا من الدول الوكيلة، علمًا بأن إسرائيل الكبرى تشتمل على أجزاء من لبنان والأردن وسوريا والعراق وسيناء وأجزاء من السعودية، كما في الخريطة.
وأكد الباحث «إسرائيل شاهاك» أن المبدأ الذي وضعته خطة تيودور هرتزل المعروف بأبو الصهيونية العالمية فى خلق دولة «إسرائيل العظمى»، هو حجر الزاوية الأساسي فى أهداف حكومة بنيامين نتنياهو الحالية، وهو ما يعد دليلًا على تصريحات نتنياهو فى زيارته لأوغندا الأخيرة، والتى قال فيها إنه «حان الوقت لتوسع إسرائيل فى إفريقيا، وتوطيد العلاقات بعد زوال القوى العربية العظمى فى الشرق الأوسط»، قاصدًا الدعم العربى للدولة الفلسطينية الذى كان من ضمنه سوريا والعراق وليبيا، وأضاف نتنياهو «أنه لا يرمى إلى تحقيق أهدافه فى إفريقيا الآن، حيث إنها خطة وخطوات يستغرق تنفيذها ربما عشرات السنوات المقبلة، ويضع أساساتها وينشطها الآن».
وأضاف الباحث إسرائيل شاهاك، أن حرب العراق كانت هدفًا رئيسيًا فى الخطة الإسرائيلية، كانت العراق هى العقبة الكؤود والكبرى فى وجه دولة «إسرائيل العظمى» على حد تعبيره، وكان تفكيكها يمثل نقطة انطلاق «لبلقنتها هى وباقى الدول العربية ومنطقة الشرق الأوسط مجتمعين».
... عقيـــدة من النيـــل إلى الفـــرات ...
في شهر فبراير 2018، كتب الكاتب الصحفي، عبد الناصر سلامة، مقالا في صحيفة المصري اليوم بعنوان «عقيدة من النيل إلى الفرات»، قال فيه:
العقيدة اليهودية، أو العقيدة الصهيونية، أو عقيدة إسرائيل الكبرى، تنطلق من تفسير توراتي، يزعم أن حدود الدولة الإسرائيلية تمتد من نهر النيل في مصر إلى نهر الفرات في سوريا والعراق، سوف نجده مدونًا على مدخل الكنيست: «ولما تجلى الرب على إبراهام، منحه الأرض المقدسة من النيل إلى الفرات»، سوف نجده متداولًا في المناهج الدراسية: «في ذلك اليوم عقد الله ميثاقًا مع أبرام قائلًا: سأعطى نسلك هذه الأرض، من وادي العريش إلى النهر الكبير، نهر الفرات، أرض القينيين، والقنزيين، والقدمونيين، والحيثيين، والفرزيين، والرفائيين، والأموريين، والكنعانيين، والجرجاشيين، واليبوسيين».
هذا المخطط وضحت معالمه مبكرًا، منذ تحدث عن المشروع الإسرائيلى، مؤسس الصهيونية العالمية، «تيودور هيرتزل»، عام 1904، وأعلن صراحةً أن حدود دولة إسرائيل تمتد من «نهر مصر إلى الفرات»، وهو ما ردده صراحةً أيضا الحاخام فيشمان عام 1947، فى شهادته للجنة التحقيق الخاصة للأمم المتحدة، وظلت الأمور على هذا النحو حتى عام 2014، عندما تداول نشطاء إسرائيليون على موقع التواصل الاجتماعى «فيسبوك» خريطة، وصفوها بـ«مملكة إسرائيل الكبرى»، «مملكة داوود»، وتضم الخريطة مصر وفلسطين والأردن وسوريا ولبنان وجزءًا من السعودية والعراق.
بدا أن المخطط الإسرائيلى قد تعثر على أرض الواقع، على الرغم من رعاية الولايات المتحدة الأمريكية له، انطلاقًا من مزاعم تتعلق بأمن إسرائيل، تم تغيير هذه الاستراتيجية بمخطط آخر ينطلق من تفتيت الدول العربية إلى دويلات صغيرة، تقوم على أساس العرق والدين، بما يحقق أيضًا سيطرة إسرائيلية من النيل إلى الفرات، وقد ظهرت بوادر مخطط المنظمة الصهيونية العالمية فى هذا الشأن، منذ عام 1982، من خلال رابطة خريجى الجامعات الأمريكية العرب، وكانت هذه الخطة تحت رعاية أرئيل شارون، رئيس الوزراء، وصحفى يُدعى عوديد يانون.
المخطط الإسرائيلى فى كل الأحوال يستبعد وجود دولة فلسطينية، ذلك أن بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء، يصر على أن تكون أرض فلسطين التاريخية وطنًا قوميًا لليهود، انطلاقًا من وعد بلفور.
والمتابع للشأن الفلسطينى والإسرائيلى، بشكل خاص فى هذه المرحلة، سوف يكتشف أن هناك تسويقًا عربيًا أكثر منه دوليًا لضياع القضية، وليس تسويتها.
الأهم من ذلك هو المشروع الكارثى الذى ظهر على السطح فجأة أيضًا، بظهور الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، المسمى «صفقة القرن»، والذى يتضمن الضغط على الفلسطينيين للقبول بالمخططات الصهيونية المشار إليها، والتى لا يقبلها العقل ولا المنطق، إرضاءً لذلك الوافد الأمريكى الجديد، وهو ما يجعلنا نتذكر ذلك اليوم الذى شدونا فيه جميعًا مع الفنانة الراحلة شادية: «سينا رجعت كاملة لينا، ومصر اليوم فى عيد»، ولا أعتقد أن هناك فى مصر مَن يقبل بغير الأعياد بديلًا، ولا بغير سيناء كاملةً أيضًا، ولتذهب خطط الصهاينة ومَن يقف وراءها إلى الجحيم.
... تبــادل الأراضي مع بلـــد الحــرمين ...         
زعمت صحفية استقصائية بريطانية، عن معلومات جديدة عن تسوية القضية الفلسطينية الإسرائيلية، أو ما بات يعرف بصفقة القرن.
وقالت الصحيفة البريطانية، إن خطة جاريد كوشنر في صفقة القرن، تتضمن اقتراح تبادل للأراضي، يحصل بموجبه الفلسطينيون على أراض أردنية مقابل أرضهم، فيما يتم تعويض الأردنيين بأراض سعودية.
وأضافت الصحيفة: «الخطة شملت أيضا تبادل أراض، بحيث يقوم الأردن بإعطاء أراض للفلسطينيين مقابل الجزء الذي استوطنه الإسرائيليون من الضفة الغربية وغور الأردن. وفي المقابل، سيحصل الأردن على أراض من السعودية، التي ستستعيد بدورها جزيرتين في البحر الأحمر كانتا تحت السيادة المصرية منذ عام 1950».
مخطط إسرائيل لتحقيق حلم «من النيل إلى الفرات»
... ما وراء صفقــة القــرن ...
مكالمات مسربة لضابط مخابرات مع إعلاميين مصريين
 حول موقف القاهرة من صفقة القرن


كشفت رابطة خريجي الجامعات الأمريكية العرب عن وثيقة ترجع إلى عام 1982، تقر خطة المنظمة الصهيونية العالمية للعمل على تفتيت الدول العربية المحيطة بإسرائيل، إلى دويلات صغيرة تقوم على أساس العرق والدين، على سبيل المثال دولة للشيعة، وأخرى للسنة، وثالثة للأكراد، وشملت هذه الدول: مصر والعراق وسوريا ولبنان واليمن والأردن والسعودية، وكانت هذه الخطة تحت رعاية أرييل شارون رئيس وزراء إسرائيل الراحل، والصحفي الإسرائيلي أوديد يانون.
ونشر معهد «جلوبال ريسيرش الدولي للدراسات»، مقالين للباحثين ميشيل تشوفيدسكى، ومهدى داريوس نازيمورايا، حيث يشرحان فيهما تفاصيل تفكيك إسرائيل المتعمد للدول العربية في إعادة تشكيل جيوسياسى للمنطقة، بما يحقق أهدافها في الامتداد الجغرافي من النيل للفرات، وتستهدف خطة «يانون» محل البحثين تحطيم القوى العربية العسكرية، وتحويل الدول العربية إلى دويلات على غرار دول «البلقان» التي تقوم دولها الصغيرة على أساس ديني وعرقي ضمن ما أسماه الباحث خطة «بلقنة» الدول العربية.
كما تتضمن الخطة إعادة توطين وتوزيع الفلسطينيين في الضفة الغربية وغزة في كل من سيناء والأردن وبعض أجزاء السعودية، والعراق ولبنان، مع استبعاد وجود الدولة الفلسطينية نهائيا.
... مشروع حلم إسرائيل الكبرى ...
يقول الدكتور سعيد اللاوندي الخبير في العلاقات الدولية في مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، إن كل القرارات السابقة التي اتخذها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سواء فيما يتعلق بضم القدس والجولان، أو اللاحقة التي تتعلق بضم الضفة الغربية وبعض الأراضي العربية، هو جزء لا يتجزأ من مشروع حلم إسرائيل الكبرى، من النيل إلى الفرات، مشيرا إلى أن هذا المشروع هو حلم إسرائيلي قديم يتجدد الآن ويتحقق على أرض الواقع، من خلال ما بات يعرف بـ«صفقة القرن»، لأن هذه الصفقة تبدأ بضم القدس والجولان، ثم اعتبار سيناء أرض للشعب الفلسطيني.
وأضاف «اللاوندي»، أن السبب في عدم وجود حدود لدولة إسرائيل حتى الآن، هو رغبة إسرائيل في التوسع، حتى تستطيع إقامة الدولة التي تحلم بها، من النيل إلى الفرات، مؤكدا على أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يعمل بشكل قوي على تحويل هذا الحلم إلى واقع، مستغلا الظروف التي تمر بها الدول العربية، ومستغلا حالة الضعف العربي.
من ناحيته، يقول اللواء عبد الرافع درويش الخبير العسكري والاستراتيجي، إنه من حق الرئيس الأمريكي أن يتخذ هذه القرارات، بسبب ضعف العرب وتشرذمهم، وأنه من حق إسرائيل أن تعمل على تحقيق حلمها، ومن حق العالم العربي أن يتفكك ويخسر، مؤكدا أن ما يحدث في العالم العربي يساعد إسرائيل على تحقيق حلمها القديم، من النيل إلى الفرات.
وأكد أن أمريكا لا تعرف إلا لغة القوة، وأن أمريكا لا تحترم إلا الأقوياء، والعرب الآن ضعفاء ومتشرذمون ومتفرقون، ولا يتعاملون مع القضية الفلسطينية على اعتبار أنها قضيتهم الأولى، وأن إسرائيل تخطط لتدمير العالم العربي كله من الداخل.





السبت، 4 مايو 2019

صيام رمضان بين الماضى والحاضر


يا أمــة خير الأنام غـــداً صيام


مع حلول شهر رمضان في كل عام يُثار الكثير من الجدل حول كيفية استطلاع هلال الشهر الكريم، فتحديد بداية رمضان يختلف من دولة لأخرى فمن الدول من يكتفي فقط بالرؤية الشرعية التي تكون بالعين المجرد مثل المملكة السعودية؟، ومنها من يكتفي بالحساب الفلكي فقط؟، منها من يجمع بين الاثنين مثل مصر.
وكان اعتماد بداية الشهر العربي على رؤية الهلال أمراً استقر عليه العرب قبل الإسلام، حيث اهتمت القبائل العربية بالرؤية من أجل تحديد الأشهر الحرم في أوقات الخصومات والحروب المستعرة بينها، ومن أجل مواسم الحج.
"دكة القضاة" لاستطلاع الأهلة
وقديما كانت توكل مهمة الرؤية إلى القضاة، والذين كانوا يقومون باستطلاع الهلال ويعلنون عن بداية الشهر، حيث كانت تعد لهم دكة على سفح جبل المقطم عرفت بـ دكة القضاة، يخرجون إليها لاستطلاع الأهلة، وفي العصر الفاطمي بنى القائد بدر الجمالي مسجدا له على سفح المقطم، استخدمت مئذنته كمرصد لرؤية هلال رمضان، وكذلك بالعين المجردة من قمم الجبال، ثم يُخَبر الناس بيوم الصيام، وتطور الأمر قليلًا على مدار التاريخ الإسلامي فأصبحت لليلة رؤية هلال رمضان مراسم وطقوس واحتفالات.
"صيام صيام حكم من شيخ الاسلام"
ففي العصر الأيوبي في مصر كانت تبدأ من آخر ليالي شعبان حيث يوفد إلى الصحراء عدد من الرجال ذوي الخبرة ليحاولوا رؤية الهلال الوليد.. ويسير موكب المحتسب من القلعة إلى بيت القاضي يتبعه مشايخ الحرف والجنود والمنشدون والموسيقيون ويمكثون عند بيت القاضي حتى يعود أحد ممن أوفدوا لمشاهدة الهلال أو يتقدم ممن يؤكد رؤيته وإذا ذاك، ينطلق الموكب فيتفرق إلى جماعات تجوب خلال المدينة وهي تنادي "يا أمة خير الأنام غداً صيام صيام" كما تنادي "صيام صيام حكم من شيخ الاسلام".
وفي العصر المملوكي كذلك كان يتوجه قضاة القضاة إلى رؤية هلال شهر رمضان بالقبة المنصورية على العادة، حيث ارتبطت مئذنة مدرسة السلطان المنصور قلاوون بالنحاسين برؤية هلال رمضان في هذا العصر، فكانوا يستطلعون الهلال، فإن دخل الشهر نودي في الناس أن غداً الأول من شهر رمضان وأرسلوا ليعلموا بذلك السلطان على جاري العادة.
"موكب الرؤية"
ويرجع إلى الفاطميين سن ما يعرف بموكب أول رمضان أو موكب رؤية الهلال، والذى أصبح عادة استمرت في العصر المملوكي، فكان قاضي القضاة يخرج في موكب محاط بالشموع والفوانيس لرؤية الهلال، ومعه القضاة الأربعة كشهود على الرؤية، وكان يشارك في الموكب المحتسب وأرباب الحرف والصناعات وكبار تجار القاهرة.
وفي عصر المماليك تم نقل مكان الرؤية إلى منارة مدرسة المنصور قلاوون، فإذا تحققت رؤية الهلال أضيئت الأنوار في الشوارع وفي المآذن و المساجد، إيذانا ببدء شهر الصوم، ثم يخرج قاضي القضاة في موكب تحيط به جموع الشعب حاملة المشاعل والفوانيس حتى يصل لداره، ثم تتفرق الطوائف إلى أحيائها معلنة الصيام، ويتم اختيار قاضي القضاة لما يمثله من مكانة لاستطلاع الهلال وإعلان الصيام، ولما لهذه المناسبة من تقدير وقدسية في نفوس وحياة المسلمين، كونها بداية لأكثر الشهور قدسية وعبادة في الإسلام.
المشاعل والقناديل في المدرسة المنصورية
وعاد استطلاع الهلال مرة أخرى إلى سفح المقطم في العصر العثماني، فكان القضاة الأربعة وبعض الفقهاء والمحتسب بالمدرسة المنصورية في بين القصرين، يجتمعون ثم يتجهون جميعا ويتبعهم دراويش الصوفية وأرباب الحرف وكبار التجار إلى مكان مرتفع بجبل المقطم حيث يترقبون ظهور الهلال، فإذا ثبتت رؤيته عادوا وبين أيديهم المشاعل والقناديل إلى المدرسة المنصورية، ويعلن المحتسب ثبوت رؤية هلال رمضان وبداية الصوم، واستمر الأمر على هذا النحو إلى أن أمر الخديو عباس حلمي الثاني بنقل مكان إثبات رؤية الهلال إلى المحكمة الشرعية بباب الخلق.
وظلت مهمة استطلاع الأهلة وإعلان الصيام تسند إلى القضاة، إلى أن تم إنشاء دار الإفتاء المصرية أواخر القرن التاسع عشر، وأسندت إليها مهمة استطلاع هلال رمضان والاحتفال به، وتقوم الإفتاء بهذه المهمة كل عام بعد غروب شمس يوم التاسع والعشرين من شهر شعبان، ويتم ذلك من خلال لجانها الشرعية والعلمية المنتشرة بجميع أنحاء مصر.
وحديثًا .. اختلف الأمر كثيرًا عن ذي قبل لأن رؤية الهلال أصبح يدخل فيها الحساب الفلكي الدقيق وعلوم الفلك والأرصاد واستخدام الأجهزة الحديثة بالإضافة إلى الرؤية بالعين المجرد.
والهلال له ميلاد عند الفلكيين يختلف عن ميلاده عند الشرعيين، وهذا يحدث أحيانًا فجوة بين المفهومين. فهناك ما يسمى بنقطة الالتقاء أو اجتماع الشمس والقمر في نقطة ما في السماء، فإذا تفرقا من هذه النقطة ولد الهلال فلكياً، وفي حال انفصال الشمس عن القمر وبقي القمر في السماء لمدة 10 دقائق أو 8 دقائق أو أقل، فهذا يكفي لثبوت الشهر الهجري عند الشرعيين.
وفي عصرنا الحديث تعتمد الدول العربية والإسلامية في تحديد بدايات الأشهر الهجرية على طرق متعددة منها:
الرؤية بالعين المجردة:
مثل المملكة العربية السعودية وغيرها، ويكون ذلك بدعوة المواطنين المواطنين لتحري الهلال؛ فإذا جاء من يشهد في المحكمة الشرعية برؤية الهلال قبلت شهادته حتى لو دلت الحسابات الفلكية على أن رؤية الهلال مستحيلة أو غير ممكنة؛ وهو ما يحصل حاليًّا في العديد من الدول الإسلامية، وهذه الطريقة أصبحت غير دقيقة نظرًا للتغيرات المناخية التي تؤثر على الرؤية البصرية، مما دعاها إلى الاعتماد جزئياً، بجانب الرؤية الشرعية، على الحساب الفلكى.
الاعتماد على الحساب فقط:
هناك دول لا تعتمد على رؤية الهلال، ولكنها تتبع الحساب الفلكي فقط مثل ليبيا، 
وذلك إذا حدث اقتران الهلال قبل الفجر.
اتحاد المطالع:
بينما تعتمد بعض الدول ومنها الأردن على سبيل المثال بمبدأ اتحاد المطالع،
 فإذا ثبت رؤية هلال رمضان في دولة تشترك معها في جزء كبير من الليل
. فإنها تتبعها عملًا باتحاد المطالع.
الجمع بين الرؤية الشرعية والحساب الفلكي:
وهي الطريقة الأكثر دقة، فهناك دول مثل مصر، حيث تعتمد دار الإفتاء المصرية في استطلاع هلال رمضان وغيره من الشهور العربية على الرؤية الشرعية البصرية بالعين المجردة وكذلك باستخدام المراصد والآلات الحديثة، وتجمع بينه وبين الحساب الفلكي، فعندما يتقرر وفقًا للحساب أن الهلال قد نزل قبل الشمس بدقيقة أو دقيقتين فهذا أمر متفق عليه بين كل الحاسبين في هذا المجال.






الجمعة، 3 مايو 2019

أمثال مخابراتية لتكريس العبودية


ومستغربين من انبطاح "شعبهم" ؟
الحمد لله على نعمــة الإســـلام
 الذي علمنا العزة و الكرامة.


. أمثال مخابراتية لتكريس العبودية .
هذه أمثلة قديمة تدعو للذل والخنوع، حفظها لنا حكامنا منذ القدم.
فكان أخفها يحض على عدم التدخل لإصلاح ذات البين.
" يا داخل بين البصلة و قشرتها، ما ينوبك إلا حرقتها "
وكان الترغيب في القطيعة بين الجيران.
" صباح الخير يا جاري، أنت ف حالك وأنا ف حالي "
ومنها الترهيب من فعل الخير
" خيرا تعمل شرا تلقى"
ثم كان التخويف من السعي لتزويج العوانس و إعفاف الشباب.
" امش في جنازة، ولا تمشيش في جوازة "
ثم كان الترهيب من الفصل بين المشتبكين خشية وقوع الأذى.
" ما ينوب المخلص، إلا تقطيع الهدوم "
و كان التعميم في البعد عن المشاكل.
" الباب اللي يجيلك منه الريح، سده و استريح "
وأسوأها ربط أكل العيش بالسلبية واللامبالاة
"طنش تعيش، تاكل قراقيش"
وكانت التكملة لذل لقمة العيش
"عيش نملة تاكل سكر"
وتلتها أمثلة الذل حتى للحيوانات.
"إن كان لك عند الكلب حاجة، قل له يا سيدي"
وذهبت بنا لأن نثور، لا لكرامتنا ولكن للخبز
"عض قلبي ولا تعض رغيفي"
ذهبنا بعدها لقلة الأصل، والمشي مع الرائجة
" اللي يتجوز أمي اقوله يا عمي"
وكان بعدها التثبيت في المكان، والقعود خشية الامتهان
" من فات داره اتقل مقداره"
والمضحك هو جعل أكبر أحلامنا ان نتساوى في الظلم
"المساواة في الظلم عدل"
و تطور الأمر إلى الحث على الندالة.
" عيش ندل تموت مستور "
ثم تعاظم ليدفع الإنسان لبيع ولده عند أي خطر محتمل.
" إن جالك الطوفان، حط ابنك تحت رجليك "
وأتبعها قمة الوضاعة والحقارة في الانتفاع بخراب بيت أبيه
" إن خرب بيت ابوك خدلك منه قالب "
و كانت الطامة الكبرى في الذهاب للكُفر لو حكمت المصلحة.
" لو رحت بلد بيعبدوا فيها العجل، حش و اديله "
وكان اللعب على العقل الباطن للإنسان المصري تمهيداً لتوجيه عقله الواعي عند اشتداد الأزمة، ظهر هذا عندما كنا نسمع عبارات متكررة على ألسنة سواقين التاكسي و بعض ركاب الاتوبيس و المترو و موظفي الحكومة، تم تلقينهم إياها على يد أجهزة المخابرات وأمن الدولة، إبان بداية الثورة و أثناء الانتخابات الرئاسية.
وكانت البرقيات السريعة النافذة للعقل الباطن.
"الحيطان ليها ودان"
"إبعد عن الشر وغنيله"
"إمشي جنب الحيط"
"من خاف سلم"

وكانت هذه العبارات تستفزني فاضطر للرد أحياناً
- خليك ف حالك.
*- ما هو ده حالي.
- اللي نعرفه أحسن م اللي مانعرفوش.
*- أنا اعرف غيره كتير.
- خللينا مع اللي شبع سرقة.
*- المال الحرام مايشبعش.
- عايزين نربي عيالنا.
*- وأنا كمان.
- عايزين ناكل عيش.
*- ماباكلوش بالذل.
- خلونا نشوف أكل عيشنا.
*- ماهو أنا كده باشوفه.
- إحنا مش قدهم.
*- معانا ربنا.
- هو انتو يعني اللي ح تصلحوا الكون؟
*- أيوه إحنا اللي ح نصلح الكون.
- شعب مايجيش الا بضرب الجزم.
*- لو انت كده، أنا مش كده.
..................ومستغربين من انبطاح "شعبهم" ؟
الحمد لله على نعمة الإسلام الذي علمنا العزة و الكرامة.