الاثنين، 16 فبراير 2015

أم أحمد .. قصة كفاح من أجل زيارة ابنها "الملغية" في طرة.. فييو



زيارة المعتقلين في سجون الانقلاب رحلة عذاب ومعاناة 
اهانة المعتقلين بالداخل ومعاناة الاهالى بالخارج
.. والسبب زيـــــــــارة ..


في ليلة شديدة البرودة، استيقظت "أم أحمد" قبل الفجر بقرابة ساعة وسط هواء لاسع تسرب من بين شرفات منزلها البسيط، لتذهب إلى ما تنتظره منذ ما يزيد عن شهر، تجهز الحقائب وتربط المتاع وتحصر متطلبات الرحلة،  توقظ طفليها، أحدهما في منتصف المرحلة الإبتدائية والآخر في الصف الثاني الإعدادي، ألبستهما الطيب من الثوب، صلوا الفجر وبدأوا رحلتهم المنتظرة، دون زوجها الذي أقعده الإصابة فيرس "سي" الذي لا يعالج بالكفتة.
حملوا على عاتقهم الحقائب، ووصلوا إلى مقصد الرحلة، وهواء القاهرة البارد يعصف بما ظهر، وما بطن من الجسد، الذي ارتعش تأثرًا من سوء الطقس، ولا أمل من ظهور الشمس لتدفئة الجو.
طوابير ممتدة، وساعات إنتظار طويلة، واجراءات تفتيش مملة، إذا قد وصلت إلى سجن "استقبال طرة"؛ حيث يمكث ابنها أحمد، منذ ما يزيد عن العام، يتحسس الحرية من خلف القضبان.
"أحمد فلان الفلاني" ..أخيرًا استعمت إلى اسم ابنها، لتقف في آخر طابور وآخر تفتيش قبل الزيارة، وعندما جاء دورها، أخبروها بأن "ابنها في التأديب وممنوع من الزيارة، كان ابنها قد تعرض إلى التأديب عندما اكتشف أحد المفتشين بالسجن، جهاز محمول داخل الزنزانة، وطالب من هم بالإفصاح عن صاحبه، مهددًا إياهم بالإستعانة بالقوات الخاصة لضربهم حتى يفصحوا عن صاحب، كان صاحب المحمول رجل مسن، وقبل أن يفي المفتش بتهديده قال"أحمد" أنه صاحب المحمول.
وحُبس انفراديًا ثلاثة أيام، ومُنع من الزيارة لمدة شهر، وقد جاءت أم أحمد بعد إنتهاء الشهر، ولكنهم منعوه من الزيارة 15 يوم آخرين، بحجة أنه كان من المفروض أن يقضي اسبوعًا كاملاً في الحبس الانفرادي.
لتخرج "أم أحمد" من سجن "طرة"، بعد مرور قرابة 8 ساعات داخله، دون زيارة ابنها، لترسم هي وابنها صورة من أجمل صور التضحية والإيثار وتحمل المسئولية، وتكون تلك الصورة واقعية وليست في دور السينما ولا في مسلسلات الدراما.
أحمد الطالب، بهندسة عين شمس، كان من بين 25 شخص صدقوا، أو أجبروا على تصديق، وعود قوات الأمن المحاصرة لمسجد الفتح بـ "الخروج الآمن"، فخرجوا ليلاً قبل اقتحام المسجد ظهرًا، ولم يجدوا إلا البلطجية وسيارة الترحيلات في إنتظارهم لتنقلهم إلى سجن "أبو زعبل"؛ حيث تشبعت أجسادهم من شدة الضرب كما تحكي والدته.
بعد تلك الواقعة بقرابة شهر، يحتفل أقارب أحمد في منزل الأسرة بمولود جديد على أنغام "تسلم الأيادي"، يهللون ويرقصون ويرفعون علامات النصر، غير مبالين بدماء قلب "أم أحمد" الجريح، التي تعيش في إحدى شقق المنزل.!!!
تزامنًا مع ذلك الضغط النفسي، اشتد المرض الجسدي على زوجها، الذي لم يعد يستطيع المواظبة على العمل على "التاكسي" الأبيض، لتتراكم أقساط التاكسي عليه وتبلغ ما يزيد عن 2500جنيهًا، فيتواصل مع أخيه تلفونيًا فيرفض ويذهب إلي بيته، ويحاول أن يُقلل المبلغ الذي يريد أن يقترضه ليصل إلى 500جنيهًا، فيكرر رفضه لأنه سيصرف فلوسه لحجز المصيف، ويتكرر السيناريو مع أخته لترفض لأنها" قد ساعدت ابنها على شراء قطعة أرض مؤخرًا"، ليعود الرجل بألمي النفس والبدن، ويغلق عليه بابه وتنصهر دموع القهر والألم على وجهه.
لم تقف "أم أحمد" مكتوفة الأيدي، وقررت أن تعمل، فاشتغلت "عاملة" 12 ساعة يوميًا، في إحدى المستشفيات الخاصة، تنظف وتمسح وتكنس، 6 أيام في الأسبوع، على أن تأخذ 500جنيهًا شهريًا، نعم 500جنيهًا مرتبها الشهري، يجب أن تسد به الديون وتعالج زوجها المريض، وتسد حاجات طفليها، وتوفي متطلبات الزيارة، ناهيك عن  الركوب في"التوك توك" الذي قد تستغنى عنه صباحًا لتترجل ما يقرب من كيلومتر، ولكنها تركبه ليلاً ب5جنيه.
أجبرها مسئولو العمل على أن تكون الأجازة الجمعة على غير رغبتها، فهي تريد أن تكون الأجازة في يوم غير الأجازة الرسمية، حتى تتمكن من زيارة ابنها المعتقل فتركت مؤخرًا العمل..



ليست هناك تعليقات: