الأربعاء، 18 فبراير 2015

رقصة التانجو بين السيسي والحوثي ماذا قدم السيسي لمصر؟.


لم يعــد لدى الشعب المصري خيــارًا 
إن أراد الحياة وإيقاف النزيف 
وتخطى حــالة الحــداد الدائــم 
 سوى أن يتوحد على هدف 
إنهــاء حكــم العسكر وانقــاذ مصـر
 

مضى ما يقرب من عامين على إعلان الجيش بقيادة السيسي انقلابه على أول تجربة ديموقراطية في تاريخ مصر، فماذا قدم الانقلاب والسيسي للشعب المصري والدولة المصرية حتى الآن؟
منذ تولى السيسي المسؤولية سواء بصورة رسمية أو من خلف ستار المستشار عدلي منصور لم يقدم الجنرال للشعب غير القتل والدفع بالبلاد نحو المجهول، فأعلن أنه لا يمتلك برنامج انتخابي، وطرح نفسه كممثل للدولة الذي يحاول استعادة هيبتها المفقودة خلال سنوات الثورة، فكان عنوانه الأبرز هو محاربة الإرهاب الذى وصفه بالمحتمل فيما يبدو بُعد نظر يحسد عليه السيسي بطبيعة الحال، حيث ما لبثت أن ظهرت الجماعات المسلحة التي تهاجم الدولة المصرية في سيناء وتزايدت وتيرة العنف هناك، إلا أن الدولة بقيادة الجنرال سجلت فشلاً ذريعًا حتى الآن في مواجهة هذه المجموعات في سيناء، حيث ازداد تمدد المسلحين وباتوا يشكلون خطرًا حقيقيًا يصعب التغلب عليه في وقت قصير، كما استفادوا من قمع الجيش وممارساته ضد أهالي سيناء في اكتساب حاضنة شعبية توفر لهم خط الدفاع الأخطر في مواجهتهم مع النظام.
على المستوى الأمني، قدم النظام نموذجًا فريدًا في قمع المناهضين للسلطة والمعارضين لها على السواء، في محاولة لعودة الاستقرار المزعوم إلى الشارع المصري والهدوء الذي يمكّنه من تثبيت أقدامه؛ فحاول القضاء على التظاهرات وهو ما حقق جزء كبير منه إلا أنه مازال غير قادر على إنهائها تمامًا، ومازالت مناسبات التصعيد تمثل محطات ثورية وتصنع حالة زخم ثوري حقيقي يخشاها الانقلاب.
على الجانب الاقتصادي، لم يطرح السيسي مشاريع للتنمية أو خطط للقضاء على البطالة والفقر سوى ما أعلنه في أحد البرامج من توفير عربات الخضار وتوزيعها على الشباب!  فهو لم يطرح أي أفكار تساهم في حل الأزمة الاقتصادية التي تعانى منها مصر نتيجة غياب الاستثمارات وتأثر قطاع السياحة بالاضطرابات السياسية، كما أن طريقة السيسي المقززة في التسول من دول الخليج وتيسير أمور الدولة اعتمادًا على أموال الأشقاء العرب وهو ما بدا واضحًا في خطابات معلنة للسيسي أو تسريبات مكتبه الفاضحة التي تعكس رؤيته لدول الخليج، لم تعد سوى مسكنات للأزمة سيدفع ثمنها الأجيال القادمة.
ويضع السيسى أمل كبير على نجاح المؤتمر الاقتصادى الذي يعقد الشهر القادم، لكن يبدو أن حظ سيء يلازم الجنرال، فكلما اقترب موعد المؤتمر وقعت حوادث عنف مروعة سواء مجزرة استاد الدفاع الجوى ومقتل عشرات من مشجعي نادي الزمالك أو أخيرًا ما قام به تنظيم داعش في ليبيا من ذبح 21 مصريًا بدم بارد في حادثة عبّرت عن مدى تهاون سلطة الانقلاب في التعامل مع أرواح المصريين، حيث تم اختطاف هؤلاء المصريين قبل نحو شهرين من الآن وجاءت تصريحات الخارجية المصرية الصادمة عن متابعة أخبار المختطفين من خلال التليفزيون الذي يبدو أنهم استخدموه لرؤية التسجيل المنشور عن قتلهم بطريقة همجية، فيعلن السادة المسؤولون الحداد وينتظرون الكارثة الجديدة! أو يعلن السيسي التدخل العسكري في ليبيا الذي بالتأكيد سيكلف مصر الكثير.
سياسيًا، تقترب السلطة من تنظيم الانتخابات البرلمانية التي يبدو أنها ستكون نسخة مكررة من انتخابات 2010 التي أدت إلى ثورة الخامس والعشرين من يناير، حيث أعلنت أحزاب الوسط واليسار فضلاً عن التيار الإسلامي مقاطعة الانتخابات؛ مما يحصر المنافسة بين أباطرة الحزب الوطني المنحل مع وجود عدد من العسكريين الذين يعتقدون أنه لم ينلهم من الكعكة جانب حتى الآن.
أمام هذا الأداء المزري والفشل الذريع لقادة الانقلاب في إدارة الدولة على كل المستويات، يبدو أن النظام لم يعد يمتلك الكثير من عوامل البقاء، وأنه يسرع الخطى نحو السقوط الحتمي، لكن المخيف هو إصرار السيسي ومن ورائه عدد غير معروف تحديدًا من قادة الجيش على المضى في الدفاع عن الثورة المضادة حتى نهاية المعركة، وهو ما ينذر بانزلاق مصر إلى مصير مجهول أسوأ مما وصلت إليه.
لم يعد لدى الشعب المصري خيارًا إن أراد الحياة وإيقاف النزيف وتخطى حالة الحداد الدائم، سوى أن يتوحد على هدف إنهاء حكم العسكر وإنقاذ مصر..
... رقصة التانجو بين السيسي والحوثي ...


على شاشة الجزيرة سُئل الصحافي اليمني عابد المهذري، المؤيد لميليشيات الحوثي، عن قصة استيلاء الحوثيين على طائرات الجيش اليمني روسية الصنع، فأجاب: دعوني أولا أهنئ النظام المصري بنجاح ضرباته الجوية على ليبيا، وأقدم التعازي في الضحايا الأقباط. وحين لفت المذيع محمود مراد نظره إلى أن هذا ليس موضوع النقاش، واصل الرجل: إن السفير المصري الجديد في صنعاء أكد اليوم عمق الروابط بين النظام المصري ونظيره الحوثي، وأعلن أن الحوثيين لا يشكلون أي تهديد لمصر عند باب المندب. بالبحث عن تصريحات السفير المصري المعين من قبل السيسي إلى اليمن وجدت ما يلي:
أكد السفير المصري الجديد في صنعاء يوسف أحمد الشرقاوي في الحفل الذي أقامته الغرفة التجارية والصناعية بأمانة العاصمة ترحيبًا به على العلاقات المتميزة بين اليمن ومصر ومجالات التعاون في العديد من المجالات، منوهًا بأن الوقت قد حان لإقامة شراكة استراتيجية بين مصر واليمن. إرسال السفير الجديد إلى صنعاء يأتي في توقيت لافت، إذ تعاني السلطات الحوثية من شبه عزلة من دول الجوار العربية، خصوصًا دول الخليج التي سحبت دبلوماسييها بعد الانقلاب الطائفي وسيطرته على الحكم في اليمن بقوة السلاح،
وهو الأمر الذي اعتبره مراقبون يمنيون نوعًا من المكايدة والابتزاز من جانب عبد الفتاح السيسي، للدول الخليجية التي بدأت تراجع مواقفها على ضوء فضيحة التسريبات الأخيرة والتي أخذت عناوين من نوعية "السيسي يحتقر الخليج" ثم "السيسي يحلب الخليج".
 غير أن الأمر يتجاوز مسألة المكايدة، إلى نوع من محاولة إيجاد تحالف بين انقلاب العسكر في مصر، وانقلاب الطائفة باليمن، برعاية روسية إيرانية، إذ يتزامن تعيين سفير مصري جديد، مع رشوح أنباء عن شحنات سلاح روسية وإيرانية تنهمر على صنعاء، لتثبيت أركان الانقلاب الحوثي.
وعلى ضوء انقلاب الانقلاب على دول الخليج الذاهبة إلى مجلس الأمن لاستصدار قرار بإعادة اليمن المخطوف لدى ميليشيات السيسي، باستخدام كل الوسائل، بما فيها القوة العسكرية، يمكن قراءة اللقاءات الخليجية المكثفة التي بادر إليها العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، حيث أوفد أولا ولي ولي العهد الأمير محمد بن نايف للتباحث مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد، قبل أن يستقبل خلال الساعات الماضية كلا من ولي عهد أبو ظبي وأمير الكويت وأمير قطر على التوالي.
صحيح أنه لم تصدر بيانات أو تصريحات رسمية عقب هذه اللقاءات، توضح ماذا لدى هذه الدول بشأن اليمن، إلا أنه من غير المتصور ألا يكون الموضوع اليمني حاضرًا على رأس جدول أعمال هذه المباحثات، وعلى وجه الخصوص بعد أن بدأ الدخول الإيراني إلى ساحة الصراع في اليمن يأخذ شكلًا علنيًا وصريحًا، مع توالي الأخبار عن هبوط طائرات محملة بشحنات سلاح من طهران إلى معقل الحوثيين في صعدة.
إن أبرز ما يلفت النظر في خطوة تعيين سفير لنظام السيسي لدى نظام الحوثي، خلاف التوقيت شديد الحساسية، هو أن السفير يدلي بتصريحات تحمل رسائل شديدة الوضوح للأطراف المعنية، فحين يقول إن الأوضاع في صنعاء هادئة وآمنة ولا مشاكل على الإطلاق تواجه البعثات الدبلوماسية، فإنه هنا يخرج لسان نظامه إلى دول الخليج التي تستشعر خطورة من هيمنة الحوثيين، ومن خلفهم إيران، على الساحة اليمنية، وحين يقول إن الوقت قد حان لإقامة شراكة استراتيجية بين مصر واليمن، فهو يعبر بوضوح عن هذا العناق الحار بين انقلابين أشعال النار في خارطة الوطن العربي من شمالها الإفريقي إلى جنوبها الآسيوي

يقول المثل الدارج إن رقصة التانجو لا تتم إلا بوجود شخصين، وهذا ما يمارسه السيسي والحوثي الآن، مع تعديل بسيط يتلخص في أن العازفين من الروس والإيرانيين، وليسوا من الأرجنتين، موطن الرقصة الشهيرة.. ويبقى السؤال المهم هنا: هل يتحمل الخليج العربي هذه الرقصة الماجنة؟ والسؤال الأهم : هل هي الرقصة الأخيرة؟ قد يرى البعض في السؤال نوعا من التعسف، أو المبالغة في التوقع، غير أن كل شمس تطلع، هذه الأيام العصيبة، تزيل بعضا من البخار المترسب على زجاج نوافذ السياسة العربية والإقليمية، بما ينقل هذه القفزة المجنونة في الرمال الليبية من كونها هروبا من الفشل بالداخل، إلى محاولة إشعال الغابة للاختباء من فضيحة مدوية عنوانها الرئيسي: الرقص مع انقلاب الحوثي.

●●●●▬▬▬▬▬▬▬▬▬▬▬ ●●●ஜ۩۞۩ஜ●●● ▬▬▬▬▬▬▬▬▬▬▬●●●●



ليست هناك تعليقات: