الجمعة، 11 مايو 2012

أخطاء شباب الثورة والانفلات الأمني


من يحرق مصر ؟
 80 مليونية في التحرير بدون أهداف واضحة
 والانفلات الأمني أدي إلي سخط شعبي علي الثورة


 ضعف الخبرة السياسية وكثرة الائتلافات وغياب الرؤية أسباب تشويه الثوار لم يستطع شباب الثورة أن يحافظوا علي مكاسب الثورة وتراجعوا إلي الخلف وتمسكوا بالميدان وتركوا الشارع فكانت النتائج التي تحققت بعد مرور ما يقرب من 16 شهراً علي ثورة 25 يناير هي وجود حالة من السخط علي شباب الثورة ونجحت المحاولات التي قام بها البعض لتشويههم، خاصة بعد الأحداث الدامية التي شهدتها البلاد.
 فمنذ اندلاع الثورة قام الثوار بتنظيم ما يقرب من 80 مليونية جعلتهم يدخلون في صدامات مباشرة مع الشارع المصري الذي يبحث عن الاستقرار ولكن القوي الدينية والمجلس العسكري روج لفزاعة المليونيات، فظهرت كما لو كانت تسير عكس إرادة الشارع المصري، رغم أن الثوار مشغولون حتي الآن في تحقيق أهداف الثورة التي لم تتحقق، ويحاولون الضغط علي العسكري للدفاع عن حقوق الثورة المشروعة وهو ما خلق الأزمة، خاصة أن إصرار الداخلية علي عدم تحقيق الأمن في الشارع لا يزال مستمراً.
 الثورة التي اندلعت يوم 25 يناير كانت بلا قيادة واضحة في الميدان وهو ما حقق لها ميزة وحيدة، وهي مشاركة كل القوي فيها، فالثورة المصرية عكس كل الثورات كانت نابعة من الشعب، وبقدر ما كان ذلك ميزة كان عاملاً سلبياً، خاصة أن القوي الثورية انقسمت في عدة كيانات وكل منها أصبح له مطالب مختلفة، ففقدت الثورة وحدتها التي هي مصدر قوتها. كما أن الثوار بعد تنحي مبارك مباشرة تركوا ميدان التحرير وسلموا بفكرة تسليم السلطة إلي المجلس العسكري بعد إذاعه عمر سليمان نائب الرئيس لبيان التنحي، فظهر الميدان خالياً من الثوار في اليوم الثاني للتنحي مباشرة دون أن يتفقوا مع العسكر علي الجدول الزمني لتسليم السلطة وعمل الإصلاحات السياسية فكانت النتيجة أن عادوا إلي الميدان ولكن في شكل كيانات متفرقة ومتنافرة ومتناحرة.
 شباب الثورة لم ينضموا إلي كيانات سياسية أو أحزاب وكل ما نجحوا فيه هو تكوين مجموعة من الائتلافات الثورية التي وصل عددها بالمئات الآن، وكلها مختلفة في المطالب عن الأخري، وكان ذلك واضحاً في عدد من المليونيات التي كانت تطالب بتسليم السلطة إلي مجلس رئاسي مدني وطرح كل ائتلاف مجموعة من المرشحين ولم يكن هناك اتفاق علي أسماء بعينها فماتت الفكرة بعد ولادتها مباشرة.
 الثوار تركوا الشارع فريسة للتيارات الدينية وانشغلوا بعد ذلك بتحقيق مطالب الثورة في الوقت الذي قام فيه الإسلاميون بالنزول الي الشارع وعقدوا مؤتمرات انتخابية حتي تلقي شباب الثورة أول صفعة في الانتخابات البرلمانية التي لم يحصل فيها شباب الثورة سوي علي 7 مقاعد فقط وبعدها قام نواب البرلمان نفسه بتشويه الثوار.
 وعندما حاول الشباب تصحيح مسار الثورة في مظاهرات 25 يناير الثانية وجدوا التيارات الإسلامية تقف لهم بالمرصاد، فحينما أعلنوا أن الشرعية في الميدان وجدوا بعض الأصوات الإسلامية تشوه الثوار وتنال من عزيمتهم.
وعلي مدار المليونيات الـ 80 الماضية لم يتفق الثوار علي مطالب موحدة وحتي فكرة تسليم العسكر للسلطة لم يكن هناك اتفاق حولها، فهناك من نادي بتسليمها إلي مجلس رئاسي مدني وهناك من طالب بتسليمها إلي البرلمان وقوي ثورية أخري طالبت بتسليمها إلي رئيس المحكمة الدستورية.
 الثوار أيضاً أفرطوا في المظاهرات بشكل كبير حتي فقدت معناها وجدواها وظهرت حالة من السخط العام عليها وتلك نقطة الضعف الخطيرة التي سمحت للعسكري بمهاجمتهم، خاصة أن هناك عدداً كبيراً من الثوار تمسكوا برأيهم ورفضوا التفاوض علي مطالبهم بل إنهم وجهوا بعض الإهانات إلي القوات المسلحة وردوا اعتداءات الجيش عليهم، وهو ما ساعد علي الترويج لتلك الاعتداءات بشكل يخالف الحقيقة حتي فقد الثوار جزءاً كبيراً من التعاطف الشعبي معهم. أحمد خيري المتحدث باسم حزب المصريين الأحرار قال:
إن الأخطاء التي وقع فيها شباب الثورة جاءت نتيجة عدم وجود نضج سياسي كاف لديهم يمكنهم من استقراء الأمور والأوضاع المستقبلية، كما أنهم صاروا خلف التيارات الدينية التي استغلت شباب الثورة للضغط علي المجلس العسكري لإصدار قوانين لصالحهم سواء الرئاسة أو البرلمان ولكن أصبح الآن هناك فهم لتلك القضية. 
وأشار إلي أنه كان علي الثوار أن ينضموا إلي كيانات حزبية حتي يتمكنوا من ممارسة العمل السياسي، كما أنهم بحاجة إلي نوع من النقد الذاتي حتي يتعلموا من أخطائهم ويقوموا بتصحيحها، كما أن الخطأ الأكبر أنهم لم يقبلوا لمن هم خارج أعمارهم السنية ورفضوا أشخاصاً كانوا يملكون الخبرة، إما لأنهم ينتمون إلي النظام السابق أو أنه خارج المرحلة العمرية لهم.
وأكد أن عدم وجود قائد للثورة كان لطبيعتها الخاصة وهو جانب إيجابي لإظهارها علي أنها غير مرتبطة بقوي أو تيار سياسي معين، ولكن الجانب السلبي يكمن في عدم القدرة علي التفاوض مع شخص معين علي مطالب الثورة. وأضاف أن هناك تأثيراً حدث علي المسيرة الثورية وحدث تشوه للصورة الثورية وفقدنا أرضية كبيرة في الشارع ولم نحصل علي عدد مناسب من المقاعد في البرلمان ولكن كل هذه الأخطاء سيتم تداركها في المستقبل.
 وقال الدكتور السعيد كامل رئيس حزب الجبهة الديمقراطية: إن الخطأ الأكبر للثوار أنهم تركوا الميدان في 11 فبراير ولم يتمسكوا بحقهم في نجاح ثورتهم وكان يجب علي الثوار مقاطعة استفتاء 19 مارس ومنعه لأنه السبب في الأزمات التي نعاني منها الآن، وكان المفترض أن يتم تغيير النظام بشكل جذري والتصدي لكل محاولات الالتفاف علي الثورة عن طريق الصفقات مع المجلس العسكري التي عقدتها القوي الإسلامية، وأشار إلي أن الثوار كان عليهم أن يتمسكوا بفترة انتقالية لتأهيل الشعب وإدارة المرحلة الحالية بشكل أفضل حتي يكون هناك قدرة علي تغيير البلاد بدلاً من المأزق الذي نعيشه الآن. وأكد أن الثورة لم تكن بلا قائد وكان بالإمكان توحيد الصفوف بعد تنحي مبارك وإيجاد قيادة جماعية ولكن النخبة كانت سبباً في تفتيت الشباب حولهم والمجلس العسكري يتحمل جزءاً من ذلك، فكثرة ضغوطه وعدم اتخاذ خطوات جادة سبب رئيسي في عدم وجود قيادة. وأشار إلي أن الثوار انشغلوا بالمليونيات عن الشارع ولم يتفقوا خلالها علي مطالب واحدة حتي تعرضوا للتشويه الواضح والمتعمد، والأخطر أن عدم استقرار البلاد أدي إلي انقلاب الشارع علي الثورة والثوار، وربما كان ذلك عن قصد وسوء نية.

ليست هناك تعليقات: