الجمعة، 11 مايو 2012

أطماع القوى الإسلامية تحرق مصر


من يحرق مصر ؟
القوى الإسلامية حاربوا القوى المدنية 
باستخدام الدين.
 حاولوا تشويه الثوار .. أيدوا حكومة 
ثم هاجموها للاستحواذ على السلطة


 بعد اندلاع ثورة يناير انصهرت القوى الإسلامية مع باقى القوى المدنية فى قلب ميدان التحرير لإسقاط النظام وتوحدت كل الأهداف والمطالب حتى تنحى مبارك وتولى المجلس العسكرى السلطة، يومها تفرق شمل القوى السياسية وانشغلت القوى الإسلامية بجمع المغانم وانفصلت عن التحرير تماماً وغيرت قبلتها ناحية السلطة والسيطرة على مقاليد الحكم فى البلاد.
فبينما واصل الثوار والقوى المدنية التظاهر فى ميدان التحرير من أجل استكمال أهداف الثورة والإعداد لمليونيات للضغط على المجلس العسكرى من أجل عمل الإصلاحات السياسية كانت جماعة الإخوان تعيد ترتيب أوضاعها فى الشارع استعداداً للانتخابات وحاولت ترسيخ وجودها وتركت مهمة مطالب الثورة إلى القوى المدنية فاهتم الثوار بالضغط لمحاكمة مبارك ورموز فساده ورفعوا قضايا لحل الحزب الوطنى وإلغاء المجالس المحلية وأجبروا العسكرى على اتخاذ خطوات جريئة بفضل قوى الدفع الثورية.

 ولكن القوى الإسلامية انتشرت فى الشوارع وتحالفت مع المجلس العسكرى الذى أخرج قياداتهم من السجون وترك لهم الملعب السياسى يروجون فيه أفكارهم وكان ثمار هذا التحالف استحواذ الإخوان على لجنة التعديلات الدستورية.. ودارت معركة بين القوى الإسلامية والمدنية على تلك التعديلات، فالقوى المدنية كانت ترى ضرورة إصلاح ما أفسده نظام مبارك والتدشين لحياة ديمقراطية سليمة بعمل الدستور أولاً، فى حين كانت القوى الإسلامية ترى عكس ذلك وتصارع نفسها لإجراء انتخابات برلمانية على اعتبار أنها القوة الوحيدة التى تركت الميدان ونزلت إلى الشارع وكانت تضغط من أجل إجراء الانتخابات أولاً على اعتبار أنها القوى القادرة على حصد أغلبية البرلمان. ولم تدخر القوى الإسلامية سلاحاً فى مواجهة القوى المدنية فى معركة الدستور أم الانتخابات وسخرت الدين فى خدمة هذا الهدف، فكانت تروج أن التصويت بنعم هو الطريق إلى الجنة وغير ذلك من طرق الاستقطاب الدينى الواضح وكانت النتيجة محسومة لصالحها، فالدين هو أفيونة الشعب.
 بعد الاستفتاء منح العسكر للإسلاميين شرعية التواجد فى الملعب السياسى بالسماح لهم بإنشاء أحزاب ادعت قيادات القوى الإسلامية أنها مدنية فى البداية ولكنها لم تكن كذلك، فالاستقطاب الدينى كان واضحاً فى تلك الأحزاب التى خاضت الانتخابات البرلمانية بنفس طريقة الاستفتاء بل إن معظم الشيوخ وعلماء الإسلاميين أفتوا بأن التصويت لغير الأحزاب الإسلامية حرام شرعاً، وكان من الطبيعى أن تحصد القوى الإسلامية أغلبية كبرى فى البرلمان بعد هذا الاستقطاب وصلت إلى 70٪ من المقاعد.

 ردت القوى الإسلامية الجميل للمجلس العسكرى بحمايته فقاموا بتشويه الثوار الذين هتفوا بسقوط حكم العسكر ولم يتضامنوا مع أى قوى مدنية نزلت إلى التحرير اعتراضاً على الأخطاء التى ارتكبها المجلس العسكري، بل انه فى مظاهرات 25 يناير الثانية كانت القوى الإسلامية هى صوت العسكر فى الميدان ودافعوا عنه وقاموا بحماية شرعيته حتى حصدوا نفس الأغلبية فى انتخابات الشورى نتيجة مقاطعة الشارع لها بدعوى عدم أهمية مجلس الشوري. بعد انتهاء الانتخابات والدعوى إلى اجتماع مشترك لمجلسى الشعب والشورى لوضع معايير الجمعية التأسيسية التى ستضع الدستور الجديد تعرضت القوى الإسلامية التى أظهرت نوايا صريحة فى الاستحواذ على كافة مقاليد الحكم فى البلاد بعد أن سيطروا على عدد كبير من مقاعد الجمعية التأسيسية تعرضوا لهجوم القوى المدنية ولم يناصرهم العسكرى كعادته بل ترك المعركة بينهم دون تدخل وكانت النتيجة حل الجمعية التأسيسية نتيجة حكم قضائى حصل عليه أستاذ القانون جابر نصار.
 حكومة الجنزورى أيضاً فضحت القوى الإسلامية، فعقب المظاهرات التى اندلعت للمطالبة بإقالة حكومة عصام شرف بارك الإسلاميون حكومة الدكتور كمال الجنزورى وقدموها إلى الشارع على أنها المخلص والمنقذ، وبعد أشهر وعندما اكتشفت القوى الإسلامية أن حكومة الجنزورى تسير عكس إرادتها أدركت أن وجودها يمثل خطراً عليها، خاصة بعد أن رفض العسكرى تشكيل حكومة تضم عدداً كبيراً من الإسلاميين. وأيضاً الدكتور محمد سعد الكتاتنى رئيس مجلس الشعب قال: إن الجنزورى هدده بحل البرلمان، فشنت القوى الإسلامية أعنف هجوم على الحكومة وقامت بسحب الثقة منها فى البرلمان وطالبت المجلس العسكرى بإقالتها بعد رفضها تقديم استقالتها ووصل الأمر إلى حد تعليق جلسات البرلمان وعندما فشلت كل حيل البرلمان فى سحب الثقة لم يجد الكتاتنى سوى الاستسلام وتهدئة الأمور حتى لا يخسر معركته مع الحكومة.
 الغريب فى الأمر أن القوى الإسلامية التى خاصمت التحرير بعد الثورة ولم تقم بعمل مظاهرات فى التحرير إلا مرة واحدة فقط للاعتراض على وثيقة «السلمي» وجدت نفسها فجأة مضطرة إلى النزول إلى الميدان فى الأيام الأخيرة للاعتراض على سياسات المجلس العسكرى وبالطبع لم تجد مساندة من باقى القوى السياسية فظهرت مليونياتها شاردة وضعيفة فى مواجهة العسكر.

القوى الإسلامية أيضاً لجأت إلى وزارة الدفاع للتظاهر أمامها للاعتراض على سياسات العسكرى بعد أن وجدوا نتائج مظاهرات ميدان التحرير غير مجدية على الإطلاق.
 الدكتور محمد النجومى - الخبير الاستراتيجى - قال: إن اعتراض جماعة الإخوان على حكومة الجنزورى يأتى من منطق وحيد هى أنها تريد أن تشكل الحكومة قبل الانتخابات الرئاسية القادمة، خاصة أن موقفها فى غاية الصعوبة وفرصة مرشحها الدكتور محمد مرسى فى الوصول إلى كرسى الرئاسة تبدو مستحيلة، ولذلك لجأت إلى الحكومة وتريد تشكيلها بأغلبية إخوانية حتى تحمى البرلمان، وأيضاً حتى تقوم بزرع رجالها فى الوزارات خلال بضعة أسابيع فقط وهو نوع من تثبيت سلطتها على الأرض.
أشار الدكتور إبراهيم زهران - رئيس حزب التحرير المصرى - إلى أن التنظيم السرى للإخوان هو المسئول عن الحرائق التى تحدث فى مصر الآن والصراعات السياسية، فالإخوان عندما رفضوا الحكومة وفشلوا فى إقالتها يحاولون الآن إحراجها عن طريق خلق أزمات متتالية لها حتى تخسر كل ما لديها فى الشارع.. وقال: إن التيارات الإسلامية لا تريد وضع دستور فهم يرون أن القرآن هو الدستور وهم يماطلون فى الوصول إلى توافق عام حول تأسيسية الدستور حتى يمكنهم فرض القرآن كدستور ..

وأشار «زهران» إلى أن أطماع القوى الإسلامية فى السلطة هى التى وضعتنا فى هذا المأزق الصعب الذى نعيشه الآن، وهم يريدون أن يحصلوا على الحكومة وكرسى الرئاسة، كما أنهم يريدون أيضاً أن يسير الشعب وراءهم ومن يعارضهم فهو كافر وعدو للدين الإسلامي.

ليست هناك تعليقات: