الخميس، 10 مايو 2012

عبد الناصر.. يشرب القهوة في ميدان التحرير


في " وصف ِ مِصرَ " ُيُعبأ ُ التاريخ ُ في ورق ٍ و يؤكل ُ مثل َ حَب ْ التين
 ْ قال الفرَنسيون َ : تهَبط ُ نحلة ٌ في وجه ِ مِصري ٍ.. وتهبط ُ نحلة ٌ أُخري عليه ِ.. فلا يضيق ُ بوخزها الدامي ويحتمل َ الطنين . ْ




 قالوا : يثورُ الغاضبونَ بمصرَ لو ثارت عِظام ُ الميتين ْ .
 قالوا : يثورُ الميتون َ ولا يثورُ الغاِضبون َ بمصرَ .. لكن الحياة َ تصيرُ قنبلة ً.. إذا فاض َ الشراب ُ المرُ في الأكوابِ .. وإنقضَ الرجال ُالمُحبَطون َ علي الرجال ِ المُحبِطين ْ.
  ......................... 
المارد ُ المصري ُ لايغفو طويلا ً ... ذاق َ من عِصيانه ِ الهكسوس ُ و الرومان ُ والترك ُ. الجراكسة ُ .. البرابرة ُ. التتارُ . الإنجليزُ.. من سلكوا الجبال َو من ركبوا السَفين ْ . إن الشعوب َاذا أرادت ْ أن تعيش َ ستقبض الدنيا علي ميزانِها .. وينتظم ُ الفلَك ْ. فلئن عَبثت َ بُحلِمها.. تختارُ لحظة َمقتَلك ْ.
.................................
كان الصَباح ُ معبأ ً.. والأفق ُ مثل َ الكوكب ِ المطمور ِ ينتظرُ إنفجاره ْ. ثم فاض َ النيل ُ أمواجا ً مُحّملة َ المشاعر ِ بالرياح ِ.. .ومصرُ في الساحات ِ بنت ٌ عاشقه ْ . نزعت ْ ثياب َ العُرسْ ِ .. وإنتظرت ْ قدوم َ الفارس ِالوطني ِ .. فامتزجت ْ دماء ُ القتل ِ في نزف ِ البكاره ْ . 
   ..................
وأنا رأيتُك َ تلبس َ القطن َ الرخيص َ وتمشي في الجهات ْ .
 و تصافح ُ الثوارَ.." صونوا حُلَمكم ..ْكي لاتموتوا ِخلسة ..ً قبل َ الممات ْ ".
 وصدقوا آحلامَكم ْ - حتي وإن صَغُرت ْ – " أصغي َ سُليمان ُ ا لنبي ِ لهدهد ٍ يحكي كما نحْكي - .. فللأحلام ِ مثل ُ الطيرِ ألسنة ٌ .. وللامال ِ ألسنه ْ ". فلا تخوضوا في المياه ِ الآسنه ْ. وتمَهّلوا..بحرٌ من َ الماء ِ الُمسمم ِ لايَجِف ُ بليلة ٍ . 
وتقشّفوا.. كي لا ُيبَدّل َ حُلمَكمْ بالخبزِ.. تكفي بيضة ٌ.. يكفي رغيفٌ واحدٌ ..كوبٌ من الشاي القَليل ِ .. وقهوة ٌ فيما تيّسرَ.. شتلة ٌ في الكف ِ خيرٌ من بساتين ِ الغريب ِ. وحفنة ٌ ًمن قمحِكمْ تكفي عصافيرَ السنه ْ ".
.............................. 
 هل عُدت َ تبُصرُ في المديَ أفريقيا ." الوَجه ُ النُحاسي ُ. ألأساورُ..موسيقي الطبول .ِوشاحُها المشغول ِ .. . بالقصبِ المزركش ِ ذي النقوش ِ الساخنه ْ " . 
عادت ْ تزغرد ُ والطُبول ُ تعاِنق ُ الميدان َ. 
والفُلك ُالتي في النيل ِ تنتظرُ البحيرات ِ البعيدة ْ.
  ...............................
هذا الجيل ُ لا يخشي الحديد َ.. ولو في ُصلبه ِ بأس ٌ شديد ْ. 
لاتملأ ُ الفِضة ُعينيه ِ .
لايَعقدُ الخوف ُ لِسانهْ . الخوف ..ُ يخشي َ منه لو زارَ في الُحلم ِ فِراشَه . صَوت ُ الرَصاصَة ِ ليسَ يُرهبه ُ كثيرا ً.. قد يَمدُ حَماسَهُ بالكهرباء ِ كموسيقي الحروب ِ .. وليس َ يُطربُه ُ- كصوت ِ حبيبة ٍ يهمي علي أسماعه ِ- غيرَ الهتاف ْ.. يضّمد ُ جُرحَه ُ الدامي علي عجل ٍ .. ويلقف ُ جَمرة َ الغاز ِ المُسّيل ِ للدموع ِ كأنها تُفاحة ٌ. ويصيدُها لعِبا ً كأجنحة ِ الفَراشه ْ.  
  .................
نحن ُ أجيال ٌ هَرِمنا - مثلما قال َ المُسنُ التونسي - . 
وقفنا آخرَ الصَف ِ لنبلُغ َ آول َ الصفِ .. وذقنا طبخة َ السجن ِ.. ِوعشنا الموت َ مِثلما المّيت ُ عاشه ْ . مشينا في مُظاهرة ٍ بحجم ِ قصيدتين ِ . ُضربنا في مَفاِصل ِخُبزنا .. وهَجَونا جوقة َ القصر ِالمنيفِ. "فجورَه ُ ورياشَه ْ " .
 لكن بعضا ً.. نام َمثل َ القط ِ تحت َ الُسَلم ِ الَملكي ِ.. يلعق َ فروَة َجِلده ِ .. و ينتظرَالإعاشه ْ . 
   .......................... 
 هذا الجيل ُ أنقي من نبات ِ الأرض ِ .أصفي من زُجاج الماء ْ . قالوا :" كنت َ نجما ً في سماء ِ الشرق ِ يغمُرُك َالضياء ْ. 
بين من ملكوا الحياة َ .. ومن ملكوا السَراب َ مسافة ٌ قصّرتها .. فجعلت من نعموا كثيرا ًدون الكل ِ.. قد نَعِموا أقلْ . 
ودخلت َ واد ٍ غير ذي زرع ٍ..زرعت َ..وغير ذي عدل ٍ أقمت َ العدلَ .. صارَ العدل ُفطريا ً.. كلون ِ الزَهر ِ في المشتل ْ . 
  ...................
يعاتبونَك َ: " لو أفرَجت َ شُباكا ًصغيرا ً للهواء ْ . - شباكا ًبحجم ِ صَحيفة ٍ- ..كُنا مَلكنا الأرض َوبلغنا السماء ْ ".
 قال َ واحِدهُم : " هي الثورة ُ- مثل اللؤلؤ ِ البحري .. تخرج ُ من مِحارَتها إذا إكتّملت ْ.. وتفتح ُ صدرَها للريح ِ بردا ً وسلاما .
" قال ثانيهم :"
 نفضنا الريش َحين َوُعِدنا بالرياح ِ .. ولكن َ الرياح َ أتتْ لِماما ". 
   ......................... 
  كم ثورة ٌهبت.ْ. ولم يَقرأ جَناحاها كتاب َ الريح ِ .. فانفضَت ْ علي عَجل ٍ كعُمر ِالسوسنه ْ . لاذلت ُ أذكرُ : كان جيفارا يزورُك َ .." َثائرٌ في جلد ِعُصفور ٍ جناح ُ يمامة ٍ كالسيف ِ .. طفلٌ يلبسُ الِدرع َ المُقاتل ْ . قال جيفارا: سأتركُ ثورة ًطابت ْ.. لأبدأ ثورة ً أخُري علي البَرِ المقابل ْ . 
قلت َ: لا تترك ْ سِلاحَك َ ساخنا ً.. لاتُهجرُ الثورات ُ ليلة َعُرسَها الوردي .. لا تذهب ْبعيداً.. نصف ُهذا البيض ِلم يُصبح ْجنينا ًكاملا.ً. والطيرُ لم ُيطعم ْ ِصغارَه ْ.
 قلت َ له : مهلا ً .. فصيدُك َ طازج ٌ.. لايُترك ُ الصُوصُ الَطريُ فتنهشُ لحمَهُ الغِربان ُ . 
والبركان ُ يَصعدُ جَمرةً في جمَرة ٍ.. ليُتم َ دائِرة َ إنفجارَه . هي ُسلمّ ٌ صَوب َالحياة ِ.. فرّتب ْ الدرجات َ سُلمة ً . فسلمَة ٍ.. .واحلُم ْ علي مهل ٍ ... وحُلّمُك َ قبل َ أن ْ تَحلُم ْ به ِ تَخْتاره ْ. 
قلت َ :لا تترُك ْعَروُسُك َ وهي بَعد ُخَجولة ..ٌ كالبرعم ِ المولود ِ لم يُكمل نَهارَه ْ .. إنتظرْ حتي ُتتمُ الأرضُ دورتَها.. ُيتم ُ جَنينُها َطورَ الِعظام ِ . تُعيدُ الروح ُ قُدرَتها علي الإشراق ِ . 
تختبرُ المياه ُ مَسارَها المَرسوم ِصَوبَ مَصّبها الآتي .. وتنتظم ُ النجوم ُ علي السَماء ..ِ فيُكمل ُ الضَوء ُ إنتشارَه ْ .  
  ........................
ليس في الغُرف ِ الفَخيمة ِ تُولد ُ الثورات ُ .. عود ُ ثقابٍ ُيشعل ُ الدنيا..َ إذا كان َ الفضاء ُ معبأ ً بالريح ِ.ينتظر ُ الشراره ْ. 
رُبَما حَرف ٌ تعّثرَ ناطق ٌ في نُطقه ِ فاحتل َ أروقة َ الِعباره ْ . 
لاتُعطِلها سُدود ٌ هذه الثورات ُ.. لا تؤطِرُها فضاءات ٌ... لايحد ُسَماءَها سقف ٌ وطييءٌ؟ إنها ولدٌ غَضوب ..ٌ يكسرُ الأكواب َ والأصنام َ.. والتيجان َ والُدُنيا .. يعيد ُ صِياغة َ المعني .. وينتظرُ الإشاره ْ . 
هي المِحراث ُ يقلبُ تربة َالأرض ِ العصية ِ. .تربةٌ تستقبل ُالبِذرَة َ بالوَرد ِ.. بذورٌ تُورق ُ أغصَانا ًعلي فقر ِ البُيوت ِ.. بيوت ٌ تُشعِل ُ ثَورة ً أُخُري إذا ما أرْجأ َ الغُصن ُ ثِماره . 
   ................................
 قل ْهي َ المَطرُ الذي يحظي بنصف ِغَمامة ٍ تهَمي .. فيعتَصرُ الهواء ْ . هي.الأنُثي .. لها رَحِم ٌ. وأثداء ٌ. 
وأرداف ٌ.. وتحمل ُ كالِنساء ْ. 
وتنجب ُ توأما ً في المرة ِ الأوليِ هُما " الإنسان ُ والإنسانْ " .
 هي الخِصب ُ الذي قد يَعقبُ البركان ُ.. و البركان لا يُطفيء ُ نارَه
 ْ ................................ 
 لاذلت ُ أذكرُ: من أمام ِ الِمقعد ِ المقلوبِ في صَدر ِ الَمنّصة ِ حتي المِقعد ..ِ الطبي في المشفيَ.. سُؤالاتٌ مُثارهْ . 
من أعطَيتَهُ ضَوءَا ً ليصْعَد َ سنتيمترا ً واحدا ً.. أعطاه ُ غيرَك َ مُفتاح َ الِإمارهْ . كانَ يبني حائِطا ً في رأسِه ِ.. ما زارَغُرفة َعَقلهِ ضُوء ٌ .. علي مَرِ ِ الشُرورِ ولا في الُحُلم ِ زاره ْ. 
كان يمشي في مَعية ِ جَارهِ الشرقي .. يخشي أن يُصيب َ حِذاءَه ُ خَدش ٌ. 
يصيب َ ِصغارَه ُ قرَف ٌ إذا مروا علي دمِنا .. وأمانَهم ْ دين ٌعليه ِ ..و نُصرتُهم ْعلي الحق ِ إنتصارهْ . .كان يفعل ُ .. - والدم ُ المِصْريُ أثقل ُ من بُحور ِ الماءِ - .
باع َ أخيه ِ كي يَبتاع َ جَارَهْ . 
كان يقبَع ُ مِثلَ طاووس ٍ علي كرُسي ِ رَمسيس ِ العظيم ِ .. فلا يُساوي رأسَ دبوس ٍ به ..رسما ًبمسنده ِ الوثير ِ.. .وذرة ًمن عقل ِ صاحِبه ِ ...خيالا ً- حيث ُ يُفترضُ الخَيال ُ- .. غُبارَا ً فوق َ مقعده ِ. 
ينظفه ُ السُعاة ُعن الِقماش ِ..ولاحتي غُبارهْ . 
   ................... 
 هل تَري في عَتمةِ الليل ْ... مَمَالِك َ قٌطرُها في حَجْم ِ مِشمِشة ٍ . 
خزائنُها تَصُد ُ الريح َعن أغْصانِها .. مدن ٌ من الورق ِ المقوّى تدفع ُ الموجات ِ عن شطآنها . 
تخشي إذا فاض َ الربيع ُ علي الشطوط ِ.. يطالُها السيل ْ . 
هل تَري فيضا ً من النقل ِ الذي يَسْتنفرُ العقل ْ . 
مدن ٌ تدق ُ بباب ِ مِصرَ - فهل قط ٌ يُحرك ُ صَخرة ً !- نفرٌ من َ النفطِ المعبأ .فوقهم ْ ذهب ٌوبين َ جُنوبهم ذَهب ُ .. و تحت َ رِكابِهمْ خيل ٌ منَ الورق ِ المُفَضَض ِ.. تُشبه ُ الخيل .ْ 
  ..............................
نحن ُ لا نَمضي لنَرجِع َ مرة ً أُخُري إلي الدُنيا... 
ولكني رأيتُك َ في فَضاء ِ الأمكنه ْ. 
و سمعت ُ صوتَك َ.. كُنت َ تَمشي ِ مِثلنا تَحت َالدُخان ِلتَعبُرَ الوادي.. وتلبَسُ مِثلنا قُطنا ً خَفيف َ الِظل ِ من ُصُنعِ ِ بلادي. تلمَس ُ الجَرحي علي عجل ٍ.. و تحْمل ُ قهوة ً للواقفين َ علي النَهار ِ و تُمسك ُ مثلنا شاشا ً وقطنا ً في يديك َ.. وتَطلب ُ راحة ً للأَحصِنه ْ.
 أنا لا أُصَدِق ُ أن َ من ْ يمضي سيَرجِع ُ للحياة ِ.. َ ولكني لمحُتكَ .َ. ضاحِكا ً.. َخلف َ الليالي المُحزِنه ْ



ليست هناك تعليقات: