السبت، 25 فبراير 2012

يازين ما اخترت يا مبارك لتأديب مصر وشعبها



الحقوق لا تستجدى ولا تمنح بل تنتزع إنتزاعا 
 لم يعد هناك من لديه الحماسة والثورية والرغبة فى الإستمرار على درب الثوار 
بعد أن أنهكهم المجلس فى معارك طاحنة




الثورة ألبسوها حجاب وحجبوا مفاتنها وجمالها حتى لا تفتتن بها الشعوب الآخرى كونها كانت ثورة سلمية أطاحت بمبارك الديكتاتور المستبد ، وألبسوها حجاب يحجب صرخاتها بالحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الانسانية حتى لا يسمع صداها فى بلدان آخرى مازالت ترزح تحت كبت وقمع الطغاة .
 تصور اليوم وبعد مرور عام كامل على قيام الثورة المصرية أن مبارك أعطى الشعب المصرى أكبر مقلب فى حياته عندما تنحى تاركا إدارة البلاد لتلاميذه من أعضاء المجلس العسكرى ، فأثبت التلاميذ تفوقهم على استاذهم ومعلمهم ، وفعلوا بالبلاد والعباد أكثر مما كان سيفعله مبارك بالمصريين ان استمر فى حكم البلاد حتى نهاية فترته الرئاسية نهاية عام 2011م من تنكيل بكل من ثار على حكمه ونادى بسقوطه .
 هاهو المجلس العسكرى ينتقم من الشعب المصرى نيابة عن المخلوع أشد انتقام ، ويجرد الثورة من مبادئها وأهدافها ويمزق نسيج الشعب المصرى الواحد تمزيقا يؤكد على سياسة "فرق تسد " اداة كل من يراوده حلم استعمارى للأوطان ، ومتعطش لنهب الأموال والثروات ...فيازين ما اخترت يا مبارك لتأديب مصر وشعبها .!!
 المجلس العسكرى نظر بعينيه الى الشارع المصرى فإختار الفصيل الاول من الاخوان المسلمين ( أكبر قوة سياسية فى الشارع المصرى ) والسعودية التى أرعبتها الثورة المصرية وخافت من تصديرها للمملكة فرضت عليه الفصيل الثانى المتجذر فى عمق الشارع بعد الاخوان ( السلفيين ) ، وأتفق الجميع على تغيير مسار الثورة والتحكم فى بوصلتها ليعودوا بنا الى المربع الأول ( مربع مبارك ونظامه ) عن طريق إعادة تدوير النظام والتمسك بصفاته وسماته ونهجه وتقديمه للعالم على أنه التغيير الذى ينشده الشعب المصرى .
 لم تتغير الأوضاع فى مصرقيد أنملة بعد الثورة ولا حتى بعد إنتخابات مجلس الشعب ، ولا أظن انها ستتغير بعد نجاح المجلس العسكرى والاخوان والسلفيين فى إقتسام السلطة فيما بينهم وإقصاء كل من يدعو الشارع لمقاومة خطط المجلس وأعوانه ، فبعد عملية البتر التى قاموا بها لفكرة الإصلاح والتغيير واقتلاعها من جذورها ، لم يعد هناك من لديه الحماسة والثورية والرغبة فى الإستمرارعلى درب الثوار بعد ان أنهكهم المجلس فى معارك طاحنة ..فقتل من قتل .. وشوه من كانت صورته ناصعة البياض .. وأصدر قوانين تعيد للفساد إنتصاره كقانون 3 يناير 2012م الذى تضمن ثلاث مواد تفتح الباب للتصالح مع الفساد الاقتصادي الذي قام به مبارك ورجال نظامه سواء كانوا رجال حكم او رجال اعمال، وهو ما سيعيق المحاسبة التي يجب ان تتم مع كل من اعتدي علي مقومات الاقتصاد المصري، كما سيتيح لرموز النظام السابق أمثال أحمد عز الخروج من السجن ..هذا القانون فى حد ذاته يعتبر جريمة ارتكبها المجلس ويستحق عليها العقاب ، ودليل دامغ على احتقاره لفكرة الإصلاح والتغيير ودعمه الكامل لرموز الفساد والعمل على استمرارهم وبقاءهم رغم أنف الشعب المصرى .
 القانون الثانى الذى أصدره مجلس العسكر هو قانون الرئاسة 19يناير 2012م والذى يعتبر تعدى سافر على اختصاصات مجلس الشعب المنتخب ، كما فعل نفس الشىء مع قانون الأزهر ولم تعرض تلك القوانين على مجلس الشعب الجهة التشريعية الوحيدة المنوط بها اصدار القوانين ، والكارثة الكبرى أن المحكمة الدستورية راجعت تلك القوانين من حيث صحتها وان مجلس الشعب لن يستطيع تغيير تلك القوانين ، بل سيقتصر دوره فقط على مراجعة تلك القوانين ان كان بها عوار دستورى ام لا ، ولا مخرج من تلك الأزمة الا بعمل دستور جديد يسبق انتخابات الرئاسة وليس كما يخطط المجلس ( موازيا لإنتخابات الرئاسة في ضوء الإعلان الدستوري الحالي ) ، لانه فى حالة ارتكاب أى مخالفة او تزوير فى عملية الإنتخابات تسفر عن انتخاب رئيس مشكوك فى شرعيته سنجد المادة 28 من الإعلان الدستورى التي تحصن قرارات لجنة الانتخابات الرئاسية من الطعن أمام أي جهة حائط صد فى وجه الإرادة الشعبية ... ورغم مطالبة النائب أبو العز الحريرى بحذف تلك المادة من الاعلان الدستورى الا ان البعض أقر بأن حذف المادة يحتاج لإستفتاء شعبى .. !!

 المجلس العسكرى كبل الشعب وقيده .. وضمن بتلك القوانين بقاء الفساد ورموزه ، وانتخابات رئاسية تسفر عن رئيس بديل لمبارك موالى للعسكر أكثر من ولائه للشعب المصرى ، كما ضمن لكل هؤلاء مجلس شعب منزوع الصلاحية يقتصر دوره على تقديم طلبات الإحاطة التى لا تغنى ولا تسمن من جوع ، وخطب رنانة يدغدغ بها عواطف المصريين ، مجلس يدين ويشجب ويستنكر ، مجلس تأديب وتقريع كل من يتطاول على المجلس العسكرى ( حتى ولو كان هذا التطاول خارج قبة البرلمان ) وليس مجلس تشريع للقوانين التى ترفع الظلم عن كاهل الشعب المصرى المطحون . فأين هى الثورة وأهدافها يا مصريين ؟ أين الحرية التى دفع ثمنها الآف الضحايا والشهداء ونحن نعيش أحط أزمنة القمع والسحل والقتل والبلطجة ، زمن قطاع الطرق الملثمين ، والخطف والترويع ؟ أين العدالة ورموز الفساد باتوا فى حماية المجلس العسكرى ، والفقر يطحن المصريين ويعتصر الألم قلوبهم وهم يسمعون عن المليارات المهربة تحت سمع وبصر حامى حمى الثورة ( المجلس العسكرى ) ؟
هل بقى من الثورة شيئا لم يقتلعه العسكر من جذوره ؟
الثورة ألبسوها حجاب وحجبوا مفاتنها وجمالها حتى لا تفتتن بها الشعوب الآخرى كونها كانت ثورة سلمية أطاحت بمبارك الديكتاتور المستبد ، وألبسوها حجاب يحجب صرخاتها بالحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الانسانية حتى لا يسمع صداها فى بلدان آخرى مازالت ترزح تحت كبت وقمع الطغاة .
 واليوم فقط فهمنا المغزى الحقيقى من تحالف المجلس العسكرى مع الاخوان والسلفيين وشيوخ الكذب والتضليل لشرعنة الفساد وإلباسه ثوب الطهر والعفاف ، وان كانت الثورة ألبسوها حجاب ..فهو الحجاب الذى كشف سوءاتهم وعوراتهم وفضح مخططاتهم ، وعلمنا ان الحقوق لا تستجدى ولا تمنح بل تنتزع انتزاعا
.

؛؛؛؛ مصـــر الـيـــوم ؛؛؛؛




ليست هناك تعليقات: