الجمعة، 24 فبراير 2012

الأكاذيب والإدعاءات وهذا هو الإعلان الدستورى وتلك خطاياه السبعة

الخطايا الدستورية السبعة 

اعدت وزارة العدل بحكومة ظل الثورة، برئاسة د. محمود عبد الحليم، تقريرا مهما بشأن ما أصدره المجلس العسكري من إعلانات دستورية حتى الآن، وقد جاء نص التقرير كالتالي: الدستور هو عقد بين الحاكم والمحكوم يتكون من قواعد تحدد شكل الدولة ونظام الحكم فيها وتنظم سطاتها وتوضح العلاقات بينها كما تبين الحقوق والحريات العامة والخاصة.

 ولايجوز لأى شخص أو جماعة مهما كان ذاك الشخص أو كانت تلك الجماعة انتهاك حرمة تلك القواعد او المساس بها فيجب على الكافة احترامها ويجب على الحاكم اصدار التشريعات والقوانين استنادا اليها.

 سواء أكانوا حكاما أو محكومين والأصل ان من يضع شيئا وجب عليه اولا الالتزام به إن أراد لغيره الالتزام أما إن لم يلتزم به أو يحترمه فلا يطلب الالتزام من الاخرين تلك هى القاعدة وهذا هو الأسلوب وهكذا تتعامل الحكومات التى تحترم شعوبها. لا أن تجعل من قوانينها مرتعا وملعبا للهو ان كان لها او لغيرها تهدر ما يأتى به من نصوص ولا تلتزم بما جاء به من احكام وفى ذلك نرى المجلس العسكرى يلعب هذا الدور بحرفية بالغة جعلته مثار اعجاب العديد من ترزية القوانين من الراغبين فى اهدار القوانين وشل فاعليتها. حيث قام العسكرى بإصدار أربعة إعلانات دستورية حتى الآن لها ما لها وعليها الكثير أخطرها على الاطلاق هو الاعلان الدستورى الثانى والذى صدر فى مارس من العام الماضى والمكون من 63 مادة عقب اجراء تعديلات الدستور ذلك الدستور الذى ذهب أدراج الرياح إلى غير رجعة.
 فأولى هذه الخطايا هو مصطلح الدستور الوارد فى أكثر من مادة مثل المادة 42 والتى توضح القسم الخاص بأعضاء مجلسى الشعب والشورى والذى أثار جدالا طويلا وكبيرا فى اولى جلسات مجلس الشعب فلقد أقسم النواب على احترام الدستور بحسب ما ورد بالقسم فأين هو هذا الدستور كى يحترموه سواء كما صرح البعض فيما لا يخالف شرع الله أو كما أضاف آخرون بإحترام أهداف الثورة فأين هو هذا الدستور؟ والذى ورد أيضا فى المادة 28 والتى نظمت احكام لجنة الانتخابات الرئاسية وحدد أحكامها وضوابطها حيث جاء به أن يعرض قانون انتخابات الرئاسة على المحكمة الدستورية العليا لتقرير مدى مطابقته للدستور فكيف يتم مضاهاة قانون حالى بدستور مستقبلى كيف يتم مطابقة الواقع بالمأمول وكيف خرج هذا القانون وعلى أى دستور قاسته وطابقته المحكمة الدستورية.

 والخطيئة الثانية ما جاء بالمادة (19) والتى حددت ألا توقع العقوبة إلا بحكم قضائى وأنه لا عقاب إلا على الأفعال اللاحقة لتاريخ نفاذ القانون ثم نجد العسكرى يصدر مرسوم بقانون بالتصالح مع رجال الأعمال والذين ارتكبوا أفعال معاقب عليها بمقتضى قانون العقوبات وبالتالى هو الواجب التطبيق دون غيره. كما أن جرائم الاعتداء على المال العام يتم الحكم على الجانى بعقوبة الرد والغرامة بالإضافة لعقوبة السجن او الحبس بحسب الأحوال أى أن الرد عقوبة وتلك المادة قررت أيضا ألا توقع العقوبة إلا بحكم قضائى وليس بموجب محضر تصالح بحسب ما جاء بقانون التصالح.

 والخطيئة الثالثة ما جاء بالمادة (28) والتى تتحدث عن لجنة الانتخابات الرئاسية والتى نصت على أن قراراتها نهائية ونافذة بذاتها وغير قابلة للطعن عليها بأى طريق وأمام أية جهة كما لا يجوز التعرض لقراراتها بوقف التنفيذ او الإلغاء فهل هذا يعقل ان تعطى قرارات لجنة ادارية هى لجنة الانتخابات الرئاسية صفة التقديس وتتحصن ضد أى معارضة لها بالطبع لا فهى ليست بكتاب كريم وكل يؤخذ منه ويرد كما أن تلك المادة تتعارض مع المادة (21) من نفس الاعلان والتى تقر بحظر تحصين أى عمل او قرار إدارى من رقابة القضاء فهل لا يوجد قضاء حتى لا تراقب تلك القرارات أم أن تلك القرارات آيات قرآنية لا تقبل الشك أو التأويل أم أن من يصدرها معصومون من الخطأ لكنه بعد ما سالت دماء المصريين فى الشوارع فلا عصمة لأحد.

 ورابع الخطايا ما ورد بالمادة (33) والتى جاء بها ان يتولى مجلس الشعب فور انتخابه - وليس انعقاده - سلطة التشريع وقد قام المجلس العسكرى بإصدار قانون تنظيم انتخابات الرئاسة وقانون الأزهر فى 19 يناير الماضى أى بعد تمام انتخاب أعضاء مجلس الشعب. وبذلك فان هذين القانونين جاءا من أب غير شرعى ومن سلطة غير مختصة ومكمن الخطورة هنا ان بذلك يصير قانون الانتخابات الرئاسية غير دستورى وأن أى رئيس منتخب سيأتى بموجبه يمكن الطعن ببطلان انتخابه لعدم دستورية هذا القانون وندخل بذلك فى دوامة جديدة وزخم جديد لا فائدة منها سوى تأخير تسليم المجلس العسكرى للسلطة وإطالة الفترة الانتقالية.

 والخطيئة الخامسة فى المادة (56) والتى حددت اختصاصات المجلس العسكرى فى ادارته للبلاد على سبيل الحصر ولم يكن من بينها حق اصدار اعلانات دستورية وتعدى المجلس العسكرى تلك الإخصاصات وأصدر إعلان دستورى هو الثالث متعلق بنظام اجراء الانتخابات التشريعية والذى جمع بين نظامى الفردى والقائمة وهذا يؤدى الى أن إجراء الانتخابات وفقا لهذا النظام أمرا غير دستوريا ويؤدى للطعن على شرعية البرلمان الحالى بالبطلان وبالتالى يمكن الحكم بحله كما حدث فى بداية التسعينات من القرن الماضى وحكم بحل البرلمان لأنه جمع بين نظامى الفردى والقائمة.

 والخطيئة السادسة أيضا كامنة فى نفس المادة السابقة حيث جاء بالبند العشر من اختصاصات المجلس العسكرى أنه يمكن تفويض رئيسه أو أحد أعضائه فى أى من اختصاصاته وخالف العسكرى ذلك وفوض الدكتور كمال الجنزورى فى اختصاصات رئيس الجمهورية فهل الجنزورى رئيس المجلس العسكرى؟ هل هو أحد أعضائه؟ بالقطع لا مما يعرض القرارات التى يتخذها الجنزورى بناء على هذا التفويض للبطلان.

والخطيئة السابعة نجدها فى المادة (59) والتى نظمت أحكام فرض حالة الطوارىء وجاء بالفقرة الأخيرة منها أن مدة فرض حالة الطوارىء ستة أشهر على أقصى تقدير ولا يجوز مدها إلا بعد استفتاء الشعب وموافقته أى أن حالة الطوارىء انتهت مدتها بنهاية سبتمبر الماضى ثم نجد العسكرى يقرر تفعيلها دون استفتاء فى أكتوبر ويعلن انتهائها فى الخامس والعشريين من يناير الماضى. بالإضافة للعديد والعديد من الأغلاط التى يصرح بها البعض من حين لآخر والغريب أن من بينهم بعض من أعضاء البرلمان نذكر منها إدعاء البعض أن مجلس الشعب لا يستطيع إصدار التشريعات المكملة للدستور كقانون انتخابات الرئاسة لعدم وجود مجلس للشورى ويكملون ادعائهم أن ذلك مشروط بضرورة موافقة مجلس الشورى على تلك القوانين بالرغم من أن اختصاصات مجلس الشورى حددتها المادة (37) من الاعلان الدستورى على سبيل الحصر وليس من بينها شرط موافقته على القوانين المكملة للدستور.

 كما يزعمون أيضا أن مجلس الشعب لا يستطيع سحب الثقة من الحكومة لكن بمطالعة نص المادة (33) من الاعلان الدستورى نجدها تقرر مباشرة المجلس للرقابة على اعمال السلطة التنفيذية وتلك الرقابة لا تكون إلا بتقديم الاستجوابات وطلبات الاحاطة وتقرير المسئولية وسحب الثقة وأكدت على ذلك المادة (62) أيضا والتى قررت صحة ونفاذ كافة القوانين واللوائح التى صدرت قبل صدور هذا الإعلان ومن بينها لائحة مجلس الشعب فى المواد (240 :243) والتى نصت على حق الأعضاء فى تقديم الاستجوابات وسحب الثقة وتقرير المسئولية. فهم لا يقولون إلا كما يقول الذى يتخبطه الشيطان من المس وكان لزاما التوضيح حتى يعلموا الأمور على بصيرة والحقائق على بينة فلا ينساق الناس وراءهم فى ترديد الأكاذيب والشائعات. فنريد من العسكرى تصحيح المسار سريعا وألا يقع فى أخطاء بل وخطايا أخرى فالبلاد فوق فوهة من البركان الدستوري نريد التقليل من آثاره قدر الإمكان.

 تلك هى الأكاذيب والإدعاءات وهذا هو الإعلان الدستورى وتلك خطاياه السبعة فكان لزاما العنونة بالخطايا الدستورية السبعة.

ليست هناك تعليقات: