الأربعاء، 29 فبراير 2012

حذار من نظام يذهب بنا نحو مزيد من الفوضى



«المركب اللى لها رئيسين تغرق» 
 مسلسل الأخطاء الكبرى التى ترتكب
 منذ قيام الثورة لا ينتهى



أخطاء القوى المدنية فى الإصرار على نظام انتخابى بالقوائم «حذرنا منه مراراً» صبت فى صالح التيار الإسلامى، وإصرار بعض الائتلافات الثورية على رفض دستور 71 المعدل رافعة شعار «لا لترقيع الدستور»، فتح الباب أمام آراء دينية متشددة ناقشت كل البديهيات التى قامت عليها دساتير الدولة المصرية، حتى عدنا مرة أخرى للتوافق على الأبواب الأربعة فى دستور 71 كنقطة انطلاق فى كتابة الدستور الجديد، علماً بأن معضلة مصر لم تكن فى دساتيرها وقوانينها إنما فى عدم تطبيق ما جاء فى هذه الدساتير.  ولأن مسلسل الأخطاء الكبرى شارك فيه بعض شباب الثورة والأحزاب المدنية مع المجلس العسكرى «يد واحدة»، على عكس الصورة الصراعية، فإن الإخوان بدورهم لم يقبلوا أن يبقوا متفرجين وقرروا أن يشاركوا فى مسار الأخطاء الفادحة بطرح نظام سياسى كارثى يتوافق مع أغلبيتهم البرلمانية وهو النظام البرلمانى الذى يحاول البعض أن يزينه تحت اسم النظام المختلط. والحقيقة أن مشكلة النظام البرلمانى فى بلد مثل مصر «معروفة مشكلاتها الحزبية»، أنه يجعل هم رئيس الوزراء اليومى أن ينجو من تصويت سحب الثقة فى البرلمان، فإذا كان لديه وزير أو أكثر من محدودى الكفاءة فإنه سيفكر أكثر من مرة قبل أن يقيله حتى لا يسحب الحزب أو الكتلة التى ينتمى إليها هذا الوزير الثقة من الحكومة، ومع الوقت تضيع مشاريعه السياسية والاقتصادية أمام حرصه على عدم إغضاب الكتلة البرلمانية لهذا الحزب أو ذاك، حتى يبقى فى الحكم.
وهذا على عكس النظام الرئاسى الذى يقوم على إعطاء صلاحيات واسعة، ولكن غير مطلقة، لرئيس الجمهورية المنتخب مباشرة من الشعب وليس البرلمان، ويخضع للمراقبة من قبله، ولا يحق له البقاء فى الحكم أكثر من مدتين غير قابلتين للتمديد، كما أن هناك نظماً رئاسية تعطى بعض الصلاحيات لرئيس الوزراء مثل فرنسا، وتعرف بالنظم المختلطة «الأقرب للواقع المصرى» رغم أنها فى الأصل نظم رئاسية، لأن الصلاحيات الرئيسية تعطى لرئيس الجمهورية ومنها حقه فى حل البرلمان.

 والسؤال: لماذا النظام الرئاسى أفضل لمصر من النظام البرلمانى؟
 الحقيقة أن بلداً نامياً مثل مصر يعانى من مشكلات فقر وبطالة، وشهد فى سنواته الثلاثين الماضية فساداً وانهيارات حقيقية فى الصحة والتعليم والخدمات العامة، يحتاج إلى رئيس لديه برنامج طموح لنهضة هذا البلد ومواجهة مشكلاته، وأن برامج النهضة الحقيقية فى كل بلاد العالم ارتبطت بأشخاص دعموا بناء المؤسسات وطوروها «مهاتير محمد ماليزيا، ديجول فرنسا، لولا دا سيلفا فى البرازيل»، وليس الأشخاص الذين هدموا المؤسسات أو اعتبروا أنفسهم فوقها... إن هندسة نظام سياسى على مقاس أغلبية أو أقلية برلمانية كارثة على مستقبل هذا البلد، وإن مصر فى أشد الحاجة لنظام رئاسى ديمقراطى حقيقى فيه رئيس وزراء بصلاحيات أقل بكثير من رئيس الجمهورية وليس نظاماً برئيسين «رئيس جمهورية ورئيس ...
وزراء»، حتى لا نطبق عليه المثل المصرى الشهير «المركب اللى لها رئيسين تغرق».
 إذا طُبق النظام البرلمانى فى مصر فسيكون كارثة على الجميع، فحذار من نظام يذهب بنا نحو مزيد من الفوضى.


ليست هناك تعليقات: